الجنة
والنار:
أ- الجنة:
وهي دار نعيم
قد أعدَّها الله للمؤمنين في الآخرة وهي جزاء لهم بما كانوا يعملون من الأعمال
الصالحة.
قال الله
تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين}
[آل عمران: 133].
وقال الله
تعالى: {وأمَّا من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي
المأوى(2)}
[النازعات:40-41].
وقد بينَّ
الله سبحانه وتعالى تفصيلاً في القرآن الكريم عن الجنة ونعيمها وأنهارها وأشجارها
وثمارها وطعامها وشرابها وثيابها، وحُلَلْها ومساكنها وغرفها وحورها ... وليعلم أن
نعيم الجنة لا يشبه نعيم الدنيا قال الله تعالى: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من
قرَّة أعين(3) جزاءً بما
كانوا يعملون} [السجدة:
17].
وقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "قال تعالى: أعددت لعبادي الصالحين، مالا عين رأت، ولا
أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر". رواه البخاري ومسلم.
قال الله
تعالى في وصف الجنة وأهلها: {والسابقون السابقون* أولئك
المقربون * في جنات النعيم * ثلة(4) من
الأولين * وقليل من الآخرين * على سرر
موضونة(5)
* متكئين
عليها متقابلين* يطوف عليهم ولدان مخلدون(6) *
بأكواب(7)
وأباريق(8)
وكأس(9) من
معين(10)
* لا
يصدعون(11) عنها ولا
ينزفون(12)
* وفاكهة مما
يتخيرون * ولحم طير مما يشتهون * وحور
عين(13)
* كأمثال
اللؤلؤ
(1) الغُرَّة : بياض في جبهة الفرس
والتحجيل : بياض في يديها ورجليها. وسمي النور الذي يكون على مواضع الوضوء يوم
القيامة غرَّة وتحجيلاً وهذا تشبيه بغرة الفرس وتحجيله.
(2) هي المرجع
والمُقام.
(3) موجبات المسرة
والفرح.
(4) أمة من الناس
كثيرة.
(5) منسوجة من الذهب
بإحكام.
(6) مُبَقَّوْن على هيئة الولدان
في البهاء.
(7) أقداح لاعرى لها ولا
خراطيم.
(8) أوان لها عرى
وخراطيم.
(9) قدح فيه
خمر.
(10) خمر جارية من
العيون.
(11) لا يصيبهم صداع
بشربها.
(12) لا تذهب عقولهم
بسببها.
(13) نساء بيض واسعات الأعين
حسانها.
المكنون(1)* جزاءً بما
كانوا يعملون* لا يسمعون فيها لغواً(2) ولا
تأثيماً(3)
* إلا قيلاً
سلاماً سلاماً* وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين* في
سدر(4)
مخضود(5)
*
وطلح(6)
منضود(7)
* وظل
ممدود(8)
* وماء
مسكوب(9)
* وفاكهة
كثيرة* لا مقطوعة ولا ممنوعة* وفرشٍ
مرفوعة(10)
* إنا أنشأنهن
إنشاءً* فجعلنهن أبكاراً* عرباً(11)
أتراباً(12)
* لإصحاب
اليمين* ثلة من الأولين* وثلة من الآخرين} [الواقعة:
10-40]
وقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة؟
فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا
ما لم تعط أحداً من خلقك، فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا: يا ربِّ، وأي شيءٍ
أفضل من ذلك؟ فيقول: أحِلُّ عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبداً". رواه
البخاري.
ب- النار:
وهي دار عذاب
قد أعدَّها الله للكافرين والمستكبرين عن طاعة الله وعبادته.
قال الله
تعالى: {فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أُعِدَّت للكافرين}
[البقرة: 24].
وقال الله
تعالى: {واتقوا النار التي أُعدَّت للكافرين} [آل عمران:
131].
وقال الله
تعالى: {وأمَّا من طغى وآثر الحياة الدنيا* فإن الجحيم هي
المأوى(13)}.
وقد وصف الله
تبارك وتعالى الله وقود النار ونيرانها المتأججة ووصف طعامها وشرابها ووصف عذابها
بما يدخل الرعب في قلوب المجرمين وقلب كل متكبر جبارٍ أثيم.
وقد وصف رسول
الله صلى الله عليه وسلم أهون أهل النار عذاباً فقال: "إن أهون أهل النار عذاباً
يوم القيامة لَرَجلٌ توضع في أخمص(14) قدميه
كجمرةٌ(15) يغلي منها
دماغه". رواه البخاري
(1) المصون في أصدافه مما
يُغَيِّره.
(2) كلاماً لا خير فيه أو
باطلاً.
(3) ولا نسبة إلى الإثم أو ما
يوجبه.
(4) في شجر النَّبْق يتنعمون
به.
(5) مقطوع
شوكه.
(6) شجر الموز أو
مثله.
(7) نُضِّدَ بالحمل من أسفله إلى
أعلاه.
(8) دائم لا يتقلص أو ممتد
منبسط.
(9) مصبوب يجري في غير
أخاديد.
(10) على
الأسرة.
(11) متحبِّبات إلى
أزواجهن.
(12) مستويات في
السن.
(13) المرجع
والمقام.
(14) المتجافي عن الأرض من الرجل
عند المشي.
(15) قطعة من النار
ملتهبة.
قال الله
تعالى في وصف النار وأهلها: {إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً، كلما
نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزاً حكيماً}
[النساء: 56].
وقال تعالى:
{إن المجرمين في ضلال وسُعر(1)* يوم يسحبون
في النار على وجوههم ذوقوا مسَّ سقر} [القمر: 47
- 48].
وقال تعالى:
{وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال* في سموم(2)
وحميم(3)
* وظلٍ من
يحموم(4)
* لا بارد ولا
كريم(5)
* إنهم كانوا
قبل ذلك مترفين(6)
* وكانوا
يصرون على الحنث(7)
العظيم*
وكانوا يقولون إئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً إءنا لمبعوثون* أو أباؤنا
الأولون* قل إن الأولين والآخرين* لمجموعون إلى ميقاتِ يوم
معلوم* ثم إنكم ايها الضالون المكذبون* لآكلون من شجر من
زقوم(8)
* فمالئون
منها البطون* فشاربون عليه من الحميم* فشاربون شرب
الهيم(9)
* هذا
نزلهم(10) يوم
الدين(11)} [الواقعة:
41 - 56].
وقال تعالى:
{وجوه يومئذٍ خاشعة(12)*
عاملة(13)
ناصبة(14) تصلى ناراً
حامية(15)
* تسقى من عين
آنية(16)
* ليس لهم
طعام إلا من ضريع(17)
* لا يسمن ولا
يغنى من جوع(18)} [الغاشية:
2-7].
ج- الخلود في
كل من الجنة والنار:
إن نعيم
الجنة باقٍ خالد لا نهاية، وعذاب جهنم باقٍ لا نهاية له.
قال الله
تعالى في الخلود الأبدي لأهل الجنة: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات
سندخلهم
(1) نيران
مسعرة.
(2) ريح شديدة الحرارة تدخل
المسام.
(3) ماء بالغ غاية
الحرارة.
(4) دخان شديد السواد أو
نار.
(5) لا نافع من أذى
الحر.
(6) مُنَعمِينَ متبعين أهواء
انفسهم.
(7) الذنب العظيم وهو
الشرك.
(8) شجر كريه الرائحة في
النار.
(9) الإبل العطاش التي لا
تروى.
(10) ما أُعِدَّ لهم من
الجزاء.
(11) يوم
القيامة.
(12) ذليلة خاضعة من
الخزي.
(13) تجرُّ السلاسل والأغلال في
النار.
(14) تعبة مما تلاقيه فيها من
العذاب.
(15) تدخل ناراً تناهى
حرُّها.
(16) بلغت غايتها في
الحرارة.
(17) شيء في النار كالشوك مُر
منتن.
(18) لا يدفع عنهم
جوعاً.
جناتٍ تجري
من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلاً
ظليلاً} [النساء:
57].
وقال تعالى:
{والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها
أبداً وعد الله حقاً ومن أصدق من الله قيلاً} [النساء:
122].
وقال الله
تعالى في الخلود الأبدي لأهل النار الكافرين: {كذلك يريهم الله أعمالهم حسراتٍ
عليهم وما هم بخارجين من النار} [البقرة: 167].
وقال تعالى:
{إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً*
إلا طريق جهنم خالدين فيها أبداً وكان ذلك على الله يسيراً}
[النساء:168-169].
وقال
تعالى: {إن الله لعن الكافرين وأعدَّ لهم سعيراً* خالدين فيها أبداً
لا يجدون ولياً ولا نصيراً} [الأحزاب: 64 - 65].
وقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم في خلود أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار: "إذا صار
أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار، جيء بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار
ثم يذبح(1)، ثم ينادي
منادٍ: يا أهل الجنة لا موتَ، ويا أهل النار لا موتَ، فيزداد أهل الجنة فرحاً إلى
فرحهم ويزداد أهل النار حزناً إلى حزنهم". رواه البخاري.
وقال صلى
الله عليه وسلم: "من يدخل الجنة ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت". رواه
مسلم
وقال صلى
الله عليه وسلم: "ينادي منادٍ: يا أهل الجنة إن لكم أن تصيحوا فلا تسقموا أبداً،
وأن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وأن تحيوا فلا تموتوا أبداً".
تنبيه
أول: عصاة
المؤمنين الذين في النار يُعذَّبون ثم يخرجون فيدخلون الجنة.
قال الله
تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}
[النساء:48].
وقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، يقول الله
من كان في قلبه مثقال حبة من خردلٍ من إيمان فأخرجوه، فيخرجون قد
امتُحِشوا(2) وعادوا
حُمَمَاً(3)، فَيُلْقَون
في نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحِبَّة(4) في حَميل
السَّيْل(5) أو قال:
حَمِيَّةِ السَّيْل(6) - وقال
النبي صلىالله عليه وسلم - ألم تروا أنها تخرج صفراء ملتوية". رواه
البخاري.
تنبيه
ثانٍ: إن أهل
الكتاب من اليهود والنصارى كفار ويعذبون في النار ويخلدونَ
فيها.
(1) يجسد على شكل كبش، ثم يجاء به،
ويذبح وفي هذا إشارة إلى الخلود والدوام.
(2) قد
احترقوا.
(3) فحماً.
(4) بذر
النبت.
(5) غثاؤه وهو ما جاء من طين
وغيره، فإذا كان فيه حبة واستقرت على شط الوادي تنبت بسرعة.
(6) معظم جريه
واشتداده.
قال الله
تعالى: {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك
هم شر البرية(1)} [البينة:
6].