المقدمة:
أهمية العلاج بالقرآن الكريم والسنة المطهرة.
1-
علاج السحر.
2-
علاج العين
3-
علاج التباس الجني بالإنسي
4- علاج
الأمراض النفسية.
5- علاج
القرحة والجرح.
6- علاج
المصيبة.
7- علاج
الهم والحزن.
8- علاج
الكرب.
9- علاج
المريض لنفسه.
10- علاج
المريض في عيادته.
11- علاج
القلق والفزع في النوم.
12- علاج
الحمى.
13- علاج
اللسعة واللدغة.
14- علاج
الغضب.
15- العلاج
بالحبة السوداء.
16- العلاج
بالعسل.
17- العلاج
بماء زمزم.
18- علاج
أمراض القلوب.
المقدمة: أهمية العلاج بالقرآن والسُّنَّة
إِن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا
إِله إِلا الله وحدهُ لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه
وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإِحسانٍ إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً. أما
بعدُ:
فلا شك ولا ريب أنَّ العلاج بالقرآن الكريم وبما ثبت عن النبي صلى الله
عليه وسلم من الرقى هو علاجٌ نافعٌ وشفاءٌ تامٌ {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا
هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصلت: 44]، {وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ
شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82] ومن هنا لبيان الجنس،
فإِنَّ القرآن كله شفاءٌ كما في الآية المتقدمة {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ
جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى
وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57].
فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء
الدنيا والآخرة، وما كلُّ أحدٍ يُوهَّل ولا يُوفَّق للاستشفاء بالقرآن، وإِذا أحسن
العليل التَّداوي به وعالج به مرضهُ بصدقٍ وإِيمانٍ، وقبولٍ تامٍ، واعتقاد جازمٍ،
واستيفاء شروطه، لم يُقاومه الداءُ أبداً. وكيف تُقاوم الأدواء كلام ربِّ الأرض
والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها، فما من مرضٍ من أمراض
القلوب والأبدان إِلا وفي القرآن سبيل الدلالة على علاجه، وسببه، والحمية منه لمن
رزقه الله فهماً لكتابه. والله عزَّ وجلَّ قد ذكر في القرآن أمراض القلوب والأبدان،
وطبَّ القلوب والأبدان.
فأمَّا أمراض القلوب فهي نوعان: مرض شبهةٍ وشكٍ، ومرض شهوةٍ وغيٍّ، وهو
سبحانه يذكر أمراض القلوب مفصلةً ويذكر أسباب أمراضها وعلاجها. قال تعالى:
{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى
عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
[العنكبوت: 51]، قال العلامة ابن القيِّم رحمه الله: "فمن لمن يشفه القرآن فلا شفاه
الله ومن لم يكفه فلا كفاه الله".
وأما أمراض الأبدان فقد أرشد القرآن إلى أصول طبِّها ومجامعه وقواعده،
وذلك أنَّ قواعد طبِّ الأبدان كلها في القرآن العظيم وهي ثلاثةٌ: حفظ الصحة،
والحمية عن المؤذي، واستفراغ الموادِّ الفاسدة المؤذية، والاستدلال بذلك على سائر
أفراد هذه الأنواع.
ولو أحسن العبد التداوي بالقرآن لرأى لذلك تأثيراً عجيباً في الشفاء
العاجل.
قال الإِمام ابن القيِّم رحمه الله تعالى: "لقد مرَّ بي وقتٌ في مكة
سقمت فيه، ولا أجد طبيباً ولا دواءً فكنت أعالج نفسي بالفاتحة، فأرى لها تأثيراً
عجيباً، آخذ شربه من ماء زمزم وأقرؤها عليها مراراً ثم أشربه فوجدت بذلك البرء
التام، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثيرٍ من الأوجاع فانتفع به غاية الانتفاع، فكنت أصف
ذلك لمن يشتكي ألماً فكان كثيرٌ منهم يبرأ سريعاً".
وكذلك العلاج بالرقى النبوية الثابتة من أنفع الأدوية، والدعاء إذا سلم
من الموانع من أنفع الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب، فهو من أنفع الأدوية،
وخاصةً مع الإِلحاح فيه، وهو عدو البلاء، يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله، أو يخفِّفه
إذا نزل، "الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء" "لا يردُّ
القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إِلا البرُّ" ولكن هاهنا أمرٌ ينبغي
التَّفطُّن له: وهو أنَّ الآيات، والأذكار، والدعوات، والتعوذات التي يُستشفى بها
ويُرقى بها هي في نفسها نافعةٌ شافيةٌ، ولكن تستدعي قبول وقوة الفاعل وتأثيره فمتى
تخلَّف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل، أو لعدم قبول المنفعل، أو لمانعٍ قويٍّ فيه
يمنع أن ينجع فيه الدواء، فإِن العلاج بالرُّقى يكون بأمرين:
أمرٍ من جهة المريض، وأمرٍ من جهة المعالج، فالذي من جهة المريض يكون
بقوة نفسه وصدق توجُّهه إلى الله تعالى، واعتقاده الجازم بأنَّ القرآن شفاءٌ ورحمةٌ
للمؤمنين، والتَّعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان، فإِن هذا نوعُ
محاربةٍ، والمحارب لا يتم له الانتصار من عدوه إِلا بأمرين:
أن يكون السلاح صحيحاً في نفسه جيداً، وأن يكون الساعد قوياًن فمتى
تخلَّف أحدهما لم يغن السلاح كثير طائلٍ فكيف إِذا عدم الأمران جميعاً: يكون القلب
خراباً من التوحيد والتوكُّل والتَّقوى والتَّوجه، ولا سلاح
له.
الأمر الثاني من جهة المعالج بالقرآن والسنة أن يكون فيه هذان الأمران
أيضاً، ولهذا قال ابن التِّين رحمه الله تعالى: "الرُّقى بالمعوِّذات وغيرها من
أسماء الله هو الطبُّ الروحانيُّ إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء
بإِذن الله تعالى".
وقد أجمع العلماء على جواز الرُّقى عند اجتماع ثلاثة
شروط:
1- أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته أو كلام رسوله صلى الله
عليه وسلم.
2- أن تكون باللسان العربيِّ أو بما يُعرف معناه من
غيره.
3- أن يُعتقد أنَّ الرقية لا تُؤثِّر بذاتها بل بقدرة الله تعالى والرُّقية
إِنما هي سببٌ من الأسباب.
ولهذه الأهمية البالغة اختصرت قسم الرُّقى من كتابي "الذكر والدعاء
والعلاج بالرُّقى من الكتاب والسُّنَّة" وزدت عليه فوائد نافعة إِن شاء الله تعالى.
وأسال الله عزَّ وجلَّ بأسمائه الحُسنى وصفاته العُلى أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم
وأن ينفعني به، وأن ينفع به من قرأه، أو طبعه، أو كان سبباً في نشره، وجميع
المسلمين إِنَّه سبحانه وليُّ ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلَّم وبارك على
نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإِحسان إِلى يوم
الدين.
العلاج الإلهي للسِّحر قسمان:
القسم الأول: ما يُتَّقى به السحر قبل وقوعه ومن
ذلك:
1- القيام بجميع الواجبات، وترك جميع المحرَّمات، والتوبة من جميع
السيِّئات.
2- الإِكثار من قراءة القرآن الكريم بحيث يجعل له ورداً منه كل
يومٍ.
3- التحصُّن بالدَّعوات والتعوَّذات والأذكار المشروعة ومن ذلك: "بسم الله
الذي لا يضرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم" ثلاث مراتٍ
في الصباح والمساء [الترمذي وأبو داود وابن ماجه وانظر صحيح ابن ماجه 2/332]،
وقراءة آية الكرسيِّ دبر كلِّ صلاةٍ وعند النوم، وفي الصباح والمساء [انظر الحاكم
وصححه ووافقه الذهبي 1/562]، وقراءة "قل هو الله أحدٌ" والمعوِّذتين ثلاث مراتٍ في
الصباح والمساء وعند النوم وقول "لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله
الحمد وهو على كل شيء قديرٌ مائة مرةٍ كل يوم [البخاري 4/95، ومسلم 4/2071]،
والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، والأذكار أدبار الصلوات، وأذكار النوم،
والاستيقاظ منه، وأذكار دخول المنزل والخروج منه، وأذكار الرُّكوب، وأذكار دخول
المسجد والخروج منه، ودعاء دخول الخلاء والخروج منه، ودعاء من رأى مُبتلىً، وغير
ذلك وقد ذكرت كثيراً من ذلك في حصن المسلم على حسب الأحوال، والمناسبات، والأماكن
والأوقات، ولا شكَّ أنَّ المحافظة على ذلك من الأسباب التي تمنع الإِصابة بالسِّحر،
والعين، والجانِّ بإذن الله تعالى وهي أيضاً من أعظم العلاجات بعد الإصابة بهذه
الآفات وغيرها. [انظر: زاد المعاد 4/126].
4- أكل سبع تمراتٍ على الرِّيق صباحاً إِذا أمكن، لقوله عليه الصلاة
والسلام: "من اصطبح بسبع تمرات عجوةً لم يضُرُّهُ ذلك اليوم سُمٌّ ولا سحرٌ"
[البخاري مع الفتح 10/247، ومسلم 3/1618]، والأكمل أن يكون من تمر المدينة ممَّا
بين الحرَّتين كما في رواية مسلم، ويرى سماحة شيخنا العلاَّمة عبد العزيز بن عبد
الله ابن بازٍ حفظه الله أنَّ جميع تمر المدينة توجد فيه هذه الصفة لقوله صلى الله
عليه وسلم: "من أكل سبع تمرات ممَّا بين لابتيها حين يصبح ..." الحديث. [مسلم
3/1618].
كما يرى حفظه الله أنَّ ذلك يُرجى لمن أكل سبع تمراتٍ من غير تمر
المدينة مُطلقاً.
القسم الثاني: علاج السحر بعد وقوعه وهو
أنواعٌ:
النوع الأول: استخراجه وإبطاله إذا عُلم مكانه بالطرق المباحة شرعاً وهذا من أبلغ ما
يُعالج به المسحور. [انظر: زاد المعاد4/124، والبخاري مع الفتح 10/123 ومسلم
4/1917].
النوع الثاني: الرُّقية الشرعية ومنها:
أ- "يدقُّ سبع ورقاتٍ من سدر أخضر بين حجرين أو نحوهما ثمَّ يصبُّ عليها
ما يكفيه للغسل من الماء ويقرأ فيها: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {اللَّهُ لا
إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا
فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا
بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ
بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَالْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}. [البقرة:
255]
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ
مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *
فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ
* قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى
وَهَارُونَ} [الأعراف: 117-122]
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمَّا جَاءَ
السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَلَمَّا
أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ
إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ
بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [يونس: 79-82].
{قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ
مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ
إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً
مُوسَى * قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ
تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ
حَيْثُ أَتَى * فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ
وَمُوسَى} [طه: 65-70].
بســــمِ الله الرحمــــن الرحيــــــــمِ
{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا
أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ * وَلا
أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}
بســـــمِ الله الرحمــــن الرحيــــــــمِ
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ
يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}
بســـــمِ الله الرحمــــن الرحيــــــــمِ
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ
غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ
حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}
بســـــمِ الله الرحمــــن الرحيــــــــمِ
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاس * إِلَهِ النَّاسِ *
مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ *
مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}
وبعد قراءة ما ذُكر في الماء يشرب منه ثلاث مراتٍ ويغتسل بالباقي وبذلك
يزول الدَّاء إِن شاء الله تعالى وإِن دعت الحاجة إِلى إِعادة ذلك مرتين أو أكثر
فلا بأس حتى يزول المرض وقد جُرِّب كثيراً فنفع الله به وهو جيدٌ لمن حُبس عن
زوجته. [مصنف عبد الرزاق 11/13 وفتح الباري 10/233].
ب- تقرأ سورة الفاتحة، وآية الكرسيِّ، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، وسورة الإِخلاص، والمعوِّذتين ثلاث
مراتٍ أو أكثر مع النفث ومسح الوجع باليد اليمنى. [انظر: البخاري مع الفتح 9/62،
ومسلم 4/1723، والبخاري مع الفتح 10/208].
جـ- التعوذات والرُّقى والدعوات الجامعة:
1- أسأل الله العظيم ربَّ العرش العظيم أن يشفيك (سبع مرات). [الترمذي وأبو
داود 3/187، والترمذي 2/410 وانظر صحيح الجامع 5/180 و 322].
2- يضع المريض يده على الذي يُؤلمه من جسده ويقول: "بسم الله" ثلاث مراتٍ،
ويقول: "أعوذُ بالله وقدرته من شرِّ ما أجد وأُحاذر (سبع مراتٍ)". [مسلم
4/1728].
3- "اللهم ربَّ الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إِلا شفاؤك شفاءً
ولا يُغادر سقماً". [البخاري مع الفتح 10/206، ومسلم
4/1721].
4- أعوذ بكلمات الله التامات من كلِّ شيطانٍ وهامَّهٍ ومن كلِّ عينٍ
لامَّةٍ". [البخاري مع الفتح 6/408].
5- "أعوذ بكلمات الله التامات من شرِّ ما خلق". [مسلم
4/1728].
6- "أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشرِّ عباده ومن همزات
الشياطين وأن يحضرون". [أبو داود والترمذي، وانظر صحيح الترمذي
3/171].
7- "أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يُجاوزُهنُّ برٌّ ولا فاجرٌ من شرِّ
ما خلق، وبرأ وذرأ، ومن شرِّ ما ينزل من السماء، ومن شرِّ ما يعرج فيها، ومن شرِّ
ما ذرأ في الأرض، ومن شرِّ ما يخرجُ منها، ومن شرِّ فتن الليل والنهار، ومن شرِّ
كلِّ طارقٍ إِلا طارقاً يطرق بخيرٍ يا رحمن". [مسند أحمد 3/119 بإسناد صحيح، وابن
السني برقم 637، وانظر مجمع الزوائد 10/127].
8- "اللهم ربَّ السماوات السَّبعِ وربَّ العرش العظيم، ربَّنا وربَّ كلِّ
شيءٍ، فالق الحبِّ والنَّوى، ومُنزل التوراة والقرآن، أعوذ بك من شرِّ كل شيءٍ أنت
آخذٌ بناصيته، أنت الأوَّل فليس قبلك شيءٌ، وأنت الآخر فليس بعدك شيءٌ، وأنت الظاهر
فليس فوقك شيءٌ، وأنت الباطن فليس دونك شيءٌ ...". [مسلم
4/2084].
9- "بسم الله أرقيك من كل شيءٍ يُؤذيك ومن شرِّ كلِّ نفسٍ أو عين حاسدة الله
يشفيك بسم الله أرقيك". [مسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه
4/1718].
10- "بسم الله يُبريك ومن كُلِّ داءٍ يشفيك ومن شرِّ حاسدٍ إذا حسد ومن شرِّ
كلِّ ذي عينٍ". [مسلم عن عائشة رضي الله عنها 4/1718].
11- "بسم الله أرقيك من كلِّ شيءٍ يؤذيك من حسد حاسدٍ ومن كلِّ ذي عينٍ الله
يشفيك". [سنن ابن ماجه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وانظر صحيح ابن ماجه
2/268].
وهذه التعوذات، والدَّعوات، والرُّقى يعالج بها من السحر، والعين، ومسِّ
الجان، وجميع الأمراض، فإِنها رُقىً جامعةٌ نافعةٌ بإِذن الله تعالى. [انظر: زاد
المعاد 4/125 وهناك أنواع من علاج السحر بعد وقوعه لابأس بها إذا جربت ونفعت. انظر:
مصنف ابن أبي شيبة 7/387 وفتح الباري 10/233-334، ومصنف عبد الرزاق 11/13، والصارم
البتار ص 194-200، والسحر حقيقته وحكمه للدكتور مسفر الدميني ص
64-66].
النوع الثالث: الاستفراغ بالحجامة في المحلِّ أو العضو الذي ظهر أثر السِّحر عليه إِن
أمكن ذلك وإِن لم يمكن كفى ما سبق ذكره من العلاج بحمد الله
تعالى.
النوع الرابع: الأدوية الطبيعية، فهناك أدويةٌ طبيعيةٌ نافعةٌ دلَّ عليها القرآن
الكريم والسَّنة المطهرة إذا أخذها الإِنسان بيقينٍ وصدقٍ وتوجهٍ مع الاعتقاد أن
النفع من عند الله نفع الله بها إِن شاء الله تعالى، كما إِن هناك أدويةٌ مركبةٌ من
أعشاب ونحوها، وهي مبينةٌ على التجربة فلا مانع من الاستفادة منها شرعاً ما لم تكن
حراماً". [انظر: فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين ص 139]. ومن العلاجات
الطبيعية النافعة بإذن الله تعالى: العسل [انظر: ص 142، وفتح الحق المبين ص 140]،
والحبة السوداء [انظر: ص141، وفتح الحق المبين ص 141]، وماء زمزم [انظر: ص 143،
وفتح الحق المبين ص 144]، وماء السماء، لقوله تعالى: {ونزلنا من السماء ماءً
مُباركاً} [ق: 9]، وزيت الزيتون، لقوله صلى الله عليه وسلم : "كُلوا الزيت
وادهنوا به فإِنه من شجرةٍ مباركةٍ"، وقد ثبت من واقع التجربة والاستعمال، والقراءة
أنه أفضل زيتٍ [انظر: فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين ص 142]، ومن
الأدوية الطبيعية: الاغتسال والتنظف والتطيُّب. [انظر: المرجع السابق ص
145].
علاج الإصابة بالعين أقسام:
القسم الأول: قبل الإصابة وهو أنواع:
1- التحصُّن وتحصين من يُخاف عليه بالأذكار، والدَّعوات، والتعوُّذات
المشروعة كما في القسم الأول من علاج السحر. [انظر: ص85 من هذا
الكتاب].
2- يدعو من يخشى أو يخاف الإِصابة بعينه - إِذا رأى من نفسه أو ماله أو
ولده أو أخيه أو غير ذلك مما يُعجبه - بالبركة "ما شاء الله لا قوة إِلا بالله
اللهم بارك عليه" لقوله صلى الله عليه وسلم: "إِذا رأى أحدكم من أخيه ما يُعجبه
فليدع له بالبركة". [موطأ مالك 938 وابن ماجه 2/1160 وأحمد 4/447، وانظر: صحيح ابن
ماجه 2/265. وانظر: زاد المعاد 4/170].
3- ستر محاسن من يُخاف عليه العين. [انظر: شرح السنة للبغوي 13/116 وزاد
المعاد 4/173].
القسم الثاني: بعد الإِصابة بالعين وهو
أنواع:
1- إِذا عُرف العائن أُمر أن يتوضَّأ ثم يغتسل منه المصاب بالعين. [انظر:
سنن أبي داود 4/9 وزاد المعاد 4/163].
2- الإِكثار من قراءة "قل هو الله أحد" والمعوذتين، وفاتحة الكتاب، وآية
الكرسيِّ، وخواتيم سورة البقرة، والأدعية المشروعة في الرُّقية مع النَّفث ومسح
موضع الألم باليد اليمنى كما في النوع الثاني من علاج السحر فقرة "ج" من رقم 1 -
11. [انظر ص 96 من هذا الكتاب].
3- "يقرأُ في ماءٍ مع النَّفث ثمَّ يشرب منه المريض ويصبُّ عليه الباقي،
[سنن أبي اود 4/10 فعل ذلك صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس]. أو يقرأ في زيتٍ
ويدَّهن به" [مسند أحمد 3/497، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/108 برقم 379].
وإِذا كانت القراءة في ماء زمزم كان أكمل إن تيسَّر [انظر: ص78و 103، 143]، أو ماء
السماء. [انظر: ص103].
4- لا بأس أن تُكتب للمريض آياتٌ من القرآن ثمَّ تُغسل ويشربها [انظر: زاد
المعاد لابن القيم 4/170] ومن ذلك الفاتحة، وآية الكرسي، والآيتان الأخيرتان من
سورة البقرة، وقل هو الله أحدٌ، والمعوِّذتان وأدعيةٌ الرُّقية كما في النوع الثاني
من علاج السحر فقرة "ب" و "ج" من رقم 1 -11 . [انظر ص 96 من هذا
الكتاب].
القسم الثالث: عمل الأسباب التي تدفع عين الحاسد وهي
كالتالي:
1- الاستعاذة بالله من شره.
2- تقوى الله وحفظه عند أمره ونهيه سبحانه "احفظ الله يحفظك" [الترمذي،
وانظر صحيح الترمذي 2/309].
3- الصبر على الحاسد والعفو عنه فلا يُقاتله، ولا يشكوه، ولا يُحدث نفسه
بأذاه.
4- التَّوكُّل على الله فمن يتوكَّل على الله فهو
حسبه.
5- لا يخافُ الحاسد ولا يملأُ قلبه بالفكر فيه وهذا من أنفع
الأدوية.
6- الإِقبال على الله والإِخلاص له وطلب مرضاته
سبحانه.
7- التوبة من الذنوب لأنها تُسلِّط على الإِنسان أعداءه {وَمَا
أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ
كَثِيرٍ} [الشورى: 30].
8- الصدقة والإِحسان ما أمكن فإِن لذلك تأثيراً عجيباً في دفع البلاء
والعين وشرِّ الحاسد.
9- إِطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إِليه فكلَّما ازداد لك أذى
وشراً وبغياً وحسداً ازددت إليه إِحساناً وله نصيحةً وعليه شفقةً وهذا لا يُوفَّق
له إِلا من عظم حظُّه من الله.
10تجريد التوحيد وإِخلاصه للعزيز الحكيم الذي لا يضرُّ شيءٌ ولا ينفع إِلا
بإِذنه سبحانه وهو الجامع لذلك كله وعليه مدار هذه الأسباب، فالتوحيد حصن الله
الأعظم الذي من دخله كان من الآمنين.
فهذه عشرة أسباب يندفع بها شرُّ الحاسد والعائن والساحر [انظر: بدائع
الفوائد لابن القيم 2/238-245].
* *
*
علاج المصروع الذي يدخل به الجنِّيُّ ويلتبس به
قسمان:
القسم الأول: قبل الإِصابة:
من الوقاية المحافظة على جميع الفرائض والواجبات والابتعاد عن جميع
المحرَّمات، والتوبة من جميع السَّيِّئات، والتَّحصُّن بالأذكار والدَّعوات،
والتَّعوُّذات المشروعة.
القسم الثاني: العلاج بعد دخول الجنِّيِّ:
ويكون بقراءة المسلم الذي وافق قلبه لسانه ورقيته للمصروع، وأعظم العلاج
الرُّقية بفاتحة الكتاب [انظر: سنن أبي داود 4/13-14، وأحمد 5/120]، وسلسلة
الأحاديث الصحيحة رقم 2028]، وآية الكرسيِّ، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة،
وقل هو الله أحد، وقل أعوذ بربِّ الفلق، وقل أعوذ بربِّ الناس، مع النَّفث على
المصروع وتكرير ذلك ثلاث مراتٍ أو أكثر وغير ذلك من الآيات القرآنية، لأن القرآن
كلَّه فيه شفاءٌ لما في الصُّدور، وشفاءٌ وهدىً ورحمةٌ للمؤمنين [انظر: الفتح
الرباني ترتيب مسند الإمام أحمد 17/183]. وأدعية الرُّقية كما في النوع الثاني من
علاج السحر فقرة "ب" و "ج" ولا بدَّ في هذا العلاج من أمرين: الأول من جهة المصروع،
بقوة نفسه، وصدق توجُّهه إِلى الله، والتعوَّذ الصَّحيح الذي قد تواطأ عليه القلب
واللسان، والثاني من جهة المعالج أن يكون كذلك فإِن السلاح
بضاربه.
وإِن أُذِّن في أُذُنِ المصروع فحسنٌ، لأنَّ الشيطان يفرُّ من ذلك
[انظر: فتح الخق المبين في علاج الصرح والسحر والعين ص 112، والبخاري برقم 574].
4- علاج الأمراض النفسية
أعظم العلاج للأمراض النفسية وضيق الصدر باختصارٍ ما
يلي:
1- الهدى والتوحيد، كما أنَّ الضلال والشرك من أعظم أسباب ضيق
الصدر.
2- نور الإِيمان الصادق الذي يقذفه الله في قلب العبد، مع العمل
الصالح.
3- العلم النافع، فكلَّما اتَّسع علم العبد انشرح صدره
واتسع.
4- الإِنابة والرُّجوع إلى الله سبحانه، ومحبَّتُه بكلِّ القلب، والإِقبال
عليه والتَّنعُّم بعبادته.
5- دوام ذكر الله على كلِّ حالٍ وفي كلِّ موطنٍ فللذِّكر تأثيرٌ عجيبٌ في
انشراح الصَّدر، ونعيم القلب، وزوال الهم والغمِّ.
6- الإِحسان إِلى الخلق بأنواع الإِحسان والنَّفع لهم بما يُمكن فالكريم
المحسن أشرح الناس صدراً، وأطيبهم نفساً، وأنعمهم قلباً.
7- الشجاعة، فإِنَّ الشجاع مُنشرح الصدر متَّسع
القلب.
8- إِخراج دغل [ودغل الشيء عيبٌ فيه يُفسده] القلب من الصِّفات المذمومة
التي توجب ضيقه وعذابه: كالحسد، والبغضاء، والغلِّ، والعداوة، والشَّحناء، والبغي،
وقد ثبت أنَّه عليه الصلاة والسلام سُئل عن أفضل الناس فقال: "كلُّ مخموم القلب
صدوق اللسان"، فقالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: "هو التقيُّ"،
النَّقيُّ، لا إِثم فيه، ولا بغي، ولا غلَّ، ولا حسد". [أخرجه ابن ماجه برقم 4216،
وانظر صحيح ابن ماجه 2/411].
9- ترك فضول النظر والكلام، والاستماع، والمخالطة، والأكل، والنوم، فإِنَّ
ترك ذلك من أسباب شرح الصدر، ونعيم القلب وزوال همه وغمِّه.
10- الاشتغال بعملٍ من الأعمال أو علمٍ من العلوم النَّافعة، فإِنها تُلهي
القلب عمَّا أقلقه.
11- الاهتمام بعمل اليوم الحاضر وقطعه عن الاهتمام في الوقت المستقبل وعن
الحزن على الوقت الماضي فالعبد يجتهد فيما ينفعه في الدين والدُّنيا، ويسأل ربَّه
نجاح مقصده، ويستعينه على ذلك، فإِنَّ ذلك يُسلِّي عن الهم والحزن.
12- النظرُ إِلى من هو دونك ولا تنظر إلى من هو فوقك في العافية وتوابعها
والرِّزق وتوابعه.
13- نسيان ما مضى عليه من المكاره التي لا يُمكنه ردَّها فلا يُفكر فيه
مطلقاً.
14- إِذا حصل على العبد نكبةٌ من النَّكبات فعليه السَّعي في تخفيفها بأن
يُقدِّر أسوأ الاحتمالات التي ينتهي إليها الأمر، ويدافعها بحسب
مقدوره.
15- قوة القلب وعدم انزعاجه وانفعاله للأوهام والخيالات التي تجلبها الأفكار
السَّيِّئة، وعدم الغضب، ولا يتوقع زوال المحابِّ وحدوث المكاره بل يكل الأمر إلى
الله عزَّ وجلَّ مع القيام بالأسباب النافعة، وسؤال الله العفو
والعافية.
16- اعتماد القلب على الله والتَّوكُّل عليه وحسن الظنِّ به سبحانه وتعالى،
فإِنَّ المتوكل على الله لا تؤثِّر فيه الأوهام.
17- العاقل يعلم أنَّ حياته الصحيحة حياة السعادة والطمأنينة وأنها قصيرةٌ
جداً فلا يُقصِّرها بالهمِّ والاسترسال مع الأكدار، فإِنَّ ذلك ضدُّ الحياة
الصحية.
18- إِذا أصابه مكروه قارن بين بقيَّة النعم الحاصلة له دينيَّةً أو
دنيويَّةً وبين ما أصابه من المكروه فعند المقارنة يتَّضح كثرةُ ما هو فيه من
النِّعم، وكذلك يُقارن بين ما يخافه من حدوث ضرر عليه وبين الاحتمالات الكثيرة في
السلامة فلا يدع الاحتمال الضعيف يغلب الاحتمالات الكثيرة القوية، وبذلك يزول همه
وخوفه.
19- يعرف أنَّ أذيَّة الناس لا تضُرُّه خصوصاً في الأقوال الخبيثة بل
تضرُّهم فلا يضع لها بالاً ولا فكراً حتى لا تضرُّه.
20- يجعل أفكاره فيما يعود عليه بالنفع في الدين
والدنيا.
21- أن لا يطلب العبد الشكر على المعروف الذي بذله وأحسن به إِلا من الله
ويعلم أنَّ هذا معاملة منه مع الله فلا يُبال بشكر من أنعم عليه {إِنَّمَا
نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا}
[الإنسان: 9]. ويتأكد هذا في معاملة الأهل والأولاد.
22- جعل الأمور النافعة نصب العينين والعمل على تحقيقها وعدم الالتفات إِلى
الأمور الضارَّة فلا يشغل بها ذهنه ولا فكره.
23- حسم الأعمال في الحال والتَّفرُّغ في المستقبل حتى يأتي للأعمال
المستقبلة بقوة تفكير وعمل.
24- يتخيَّر من الأعمال النافعة والعلوم النافعة الأهم فالأهم وخاصةً ما
تشتد الرغبة فيه ويستعين على ذلك بالله ثم بالمشاورة فإِذا تحقَّقت المصلحة وعز
توكَّل على الله.
25- التحدُّث بنعم الله الظاهرة والباطنة، فإِنَّ معرفتها والتحدُّث بها
يدفع الله به الهمَّ والغمَّ ويحثُّ العبد على الشُّكر.
26- معاملةُ الزوجة والقريب والمعامل وكلِّ من بينك وبينه علاقةٌ إذا وجدت
به عيباً بمعرفة ماله من المحاسن ومقارنة ذلك، فبملاحظة ذلك تدوم الصحبة وينشرح
الصدر "لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً إن كره منها خُلقاً رضي منها آخر". [مسلم:
2/1091].
27- الدعاء بصلاح الأمور كلها وأعظم ذلك "اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة
أمري، ودنياي التي فيها معاشي، وآخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادةً لي في
كلِّ خيرٍ، والموت راحةً لي من كلِّ شرٍّ"، وكذلك "اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى
نفسي طرفة عينٍ وأصلح لي شأني كله لا إِله إِلا أنت". [أبو داود 4/324، وأحمد
5/42].
28- الجهاد في سبيل الله لقوله عليه الصلاة والسلام: "جاهدوا في سبيل الله،
فإِنَّ الجهاد في سبيل الله بابٌ من أبواب الجنة يُنجِّي الله به من الهمِّ
والغمِّ". [أحمد 5/314، 316، 319، 326، 330، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي
2/75].
وهذه الأسباب والوسائل علاجٌ مفيدٌ للأمراض النَّفسية ومن أعظم العلاج
للقلق النَّفسيِّ لمن تدبَّرها وعمل بها بصدقٍ وإِخلاصٍ، وقد عالج بها بعض العلماء
كثيراً من الحالات والأمراض النفسية فنفع الله بها نفعاً عظيماً. [انظر مقدمة
الوسائل المفيدة الطبعة الخامسة ص 6].
5- علاج القُرحة والجُرح
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى الإنسان أو كانت به قُرحةٌ
أو جرحٌ قال بأصبعه هكذا ووضع سفيان سبَّابته بالأرض ثم رفعها وقال "بسم الله
تُربةُ أرضنا بريقهِ بعضنا يُشفى سقيمنا بإِذن ربِّنا". [البخاري مع الفتح 10/206،
ومسلم 4/1724 برقم 2194].
ومعنى الحديث أنه يأخذ من ريق نفسه على أصبع السَّبَّابة ثم يضعها على
التُّراب فيعلق بها منه شيءٌ فيمسح به على الموضع الجريح أو العليل ويقول هذا
الكلام في حال المسح. [انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 14/184 وفتح الباري 10/208
وانظر شرحاً وافياً للحديث في زاد المعاد 4/186-187].
6-
علاج المصيبة
1- {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا
فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ *
لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ
لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد 22-23].
2- {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ
بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن: 11].
3- "ما من عبدٍ تُصيبه مصيبة فيقول: إِنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني
في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها".
[مسلم 2/633].
4- "إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقول نعم،
فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقول:حمدك واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتاً في
الجنة وسموه بيت الحمد". [الترمذي، وانظر: صحيح الترمذي
1/298].
5- "يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إِذا قبضت صفيه من أهل
الدنيا ثم اتسبه إلا الجنة". [البخاري مع الفتح 11/242].
6- وقال عليه الصلاة والسلام لرجلٍ مات ابنه: "ألا تحب أن لا تأتي باباً من
أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك". [أحمد والنسائي وسنده على شرط الصحيح وصححه الحاكم
وابن حبان وانظر فتح الباري 11/234].
7- "يقول الله عزَّ وجلَّّ إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر [واحتسب] عوضته
منهما الجنة" يريد عينيه. [البخاري مع الفتح 10/116 وما بين المعكوفين من سنن
الترمذي انظر صحيح الترمذي 2/286].
8- "ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط
الشجرة ورقها". [البخاري مع الفتح 10/120 ومسلم 4/1991].
9- "ما من مسلم يشاك شوكةً فما فوقها إلا كتبت له بها درجةٌ ومحيت عنه بها
خطيئةٌ". [مسلم 4/1991].
10- "ما يصيب المؤمن من وصبٍ [الوصب: الوجع اللازم ومنه قوله تعالى:
{وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ} [الصافات: 9] أي لازم ثابت. انظر شرح النووي
16/130] ولا نصبٍ [النصب: التعب] ولا سقمٍ ولا حزنٍ حتى الهمِّ يهمه [قيل بفتح
الياء وضم الهاء "يهمه" وقيل "يهمه" بضم الياء وفتح الهاء، أي: يغمه وكلاهما صحيح،
انظر شرح النووي 16/130]. إلا كُفِّر به من سيئاته". [مسلم
4/1993].
11- "إنَّ عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإنَّ الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن
رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط". [الترمذي وابن ماجه وانظر صحيح الترمذي
2/286].
12- "... فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئةٌ".
[الترمذي وابن ماجه وانظر صحيح الترمذي 2/286].
7- علاج الهم والحزن
1- ما أصاب عبداً همٌ ولا حزنٌ فقال: "للهمَّ إني عبدك وابن عبدك ابن أمتك
ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك أسألك بكلِّ اسمٍ هو لك سميت به نفسك
أو أنزلته في كتابك، أو علَّمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن
تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي، إلا أذهب الله حزنه وهمه
وأبدله مكانه فرحاً". [أحمد 1/391].
2- "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل والبخل والجبن، وضلع
الدين وغلبة الرجال". [البخاري 7/158 كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا
الدعاء، انظر البخاري مع الفتح 11/173].
8- علاج الكرب
1- "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله ربُّ العرش العظيم، لا
إله إلا الله ربُّ السماوات وربُّ الأرض وربُّ العرش الكريم". [البخاري 4/154 ومسلم
4/2092].
2- "اللهم رحمتك أرجو لا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله "لا إله
إلا أنت". [أبو داود 324 وأحمد 5/42].
3- "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين". [الترمذي 5/529 والحاكم
وصححه ووافقه الذهبي 1/505 وانظر صحيح الترمذي 3/168].
4- "الله الله ربي لا أُشرك به شيئاً". [أخرجه أبو داود 2/87 وانظر صحيح ابن
ماجه 2/335 وانظر صحيح الترمذي 4/196].
9-
علاج المريض لنفسه
"ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: بسم الله، ثلاثاً، وقل سبع مراتٍ:
أعوذ بالله وقدرته من شرِّ ما أجد وأحاذر". [مسلم 4/1728].
10-
علاج المريض في عيادته
"ما من عبدٍ مسلمٍ يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبع مرات: أسأل الله
العظيم ربَّ العرش العظيم أن يشفيك إلا عُوفي". [أخرجه الترمذي وأبو داود وانظر
صحيح الترمذي 2/210 وصحيح الجامع 5/180].
11- علاج القلق والفزع في النوم
"أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه، وشر عباده، ومن همزات
الشياطين وأن يحضرون". [أبو داود 4/12 وانظر صحيح الترمذي
3/171].
12- علاج الحمى
قال عليه الصلاة والسلام "الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء". [البخاري
مع الفتح 10/174 ومسلم 4/1733].
13- علاج اللسعة واللدغة
1- تُقرأ فاتحة الكتاب مع جمع البزاق تفله على اللسعة. [البخاري مع الفتح
10/208].
2- يُمسح عليها بماءٍ وملح مع قراءة: قل يا أيها الكافرون، والمعوذتين.
[الطبراني في المعجم الصغير 2/830، وانظر مجمع الزوائج 5/111 وحسن
إسناده].
14- علاج الغضب
علاج الغضب يكون بطرقتين:
الطريق الأول: الوقاية
وتحصل باجتناب أسباب الغضب ومن هذه الأسباب الكبر، والإِعجاب بالنفس،
والافتخار، والحرص المذموم، والمزاح في غير مناسبةٍ، والهزل وما شابه
ذلك.
الطريق الثاني: العلاج إذا وقع الغضب
وينحصر في أربعة أنواعٍ:
1- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
2- الوضوء.
3- تغيير الحالة التي عليها الغضبان: بالجلوس أو الاضطجاع، أو الخروج، أو
الإِمساك عن الكلام، أو غير ذلك.
4- استحضار ما ورد في كظم الغيظ من الثواب وما ورد في عاقبة الغضب من
الخذلان.
15- العلاج بالحبة السوداء
قال عليه الصلاة والسلام: "إنَّ في الحبة السوداء شفاءً من كل داءٍ إلا
السَّام" قال ابن شهاب: السَّام: الموت، والحبة السوداء: "الشونيز". [البخاري مع
الفتح 10/134، ومسلم 1735]. والحبة السوداء كثيرة المنافع جداً. وقوله: "شفاءً من
كل داءٍ" مثل قوله تعالى: {تدمر كل شيء بأمر ربها} [الأحقاف: 25]، أي كل شيءٍ يقبل
التدمير ونظائره.
16- العلاج بالعسل
1- قال الله عزَّ وجلَّ في ذكر النحل: {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا
شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً
لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 69].
2- وقال عليه الصلاة والسلام: "الشفاء في ثلاث: في شرطة محجمٍ، أو شربة
عسلٍ، أو كيَّةٍ بنار، وأنا أنهى أمتي عن الكيِّ".
17- العلاج بماء زمزم
1- قال عليه الصلاة والسلام في ماء زمزم: "إنها مباركةٌ إنها طعام طعمٍ
[وشفاء سُقمٍ]" [مسلم 4/1922 وما بين المعكوفين عند البزار والبيهقي والطبراني
وإسناده صحيح، انظر: مجمع الزوائد 3/286].
2- وحديث جابرٍ يرفعه: "ماء زمزم لما شُرب له" [أخرجه ابن ماجه وغيره،
وانظر: صحيح ابن ماجه 2/183، وإرواء الغليل 4/320].
3- و "كان يحمل ماء زمزم [في الأداوي] والقرب، فكان يصبُّ على المرضى
ويسقيهم" [الترمذي والبيهقي 5/205، وانظر صحيح الترمذي 1/284]. قال ابن القيِّم
رحمه الله تعالى: وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أموراً عجيبةً
واستشفيت به من عدة أمراضٍ فبرأت [وغير أهل الحجاز يقولون: "فبرئتُ". انظر: النهاية
في غريب الحديث 1/111]. بإذن الله [زاد المعاد 4/393و 178].
18- علاج أمراض القلوب
القلوب ثلاثةٌ:
1- قلبٌ سليمٌ: وهو الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله به، قال تعالى:
{يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ
سَلِيمٍ} [الشعراء: 88-89].
والقلب السليم هو الذي قد سلم من كل شهوةٍ تُخالف أمر الله ونهيه، ومن
كلِّ شبهةٍ تعارض خبره، فسلم من عبودية ما سواه، وسلم من تحكيم غير رسوله صلى الله
عليه وسلم. الذي سلم من أن يكون لغير الله فيه شركٌ بوجهٍ ما، بل قد خلصت عبوديته
لله: إِرادةً، ومحبةً، وتوكلاً، وإِنابةً، وإِخباتاً، وخشيةً، ورجاءً، وخلص عمله
لله، فإِن أحبَّ أحبَّ لله، وإن أبغض أبغض في الله، وإن أعطى أعطى لله، وإن منع منع
لله، فهمه كله لله، وحُبُّه كله لله، وقصده له، وبدنه له، وأعماله له، ونومه له،
ويقظته له، وحديثه والحديث عنه أشهى إليه من كلِّ حديث، وأفكاره تحوم على مراضيه،
ومحابه. [انظر: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان لابن القيم رحمه الله 1/7 و 73].
نسأل الله تعالى هذا القلب.
2- القلب الميت: وهو ضدُّ الأول وهو الذي لا يعرف ربه ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه،
بل هو واقفٌ مع شهواته ولذاته، ولو كان فيها سخط ربِّه وغضبه، فهو متعبدٌ لغير
الله: حباً، وخوفاً، ورجاءً، ورضاً وسخطاً، وتعظيماً، وذُلاً، إن أبغض أبغض على
لهواه، وإن أحب أحب لهواه، وإن أعطى أعطى لهواه، وإن منع منع لهواه، فالهوى إمامه،
والشهوة قائده، والجهل سائقه، والغفلة مركبه. [انظر: المرجع السابق 1/9]. نعوذ
بالله من هذا القلب.
3- القلب المريض: هو قلبٌ له حياةٌ وبه علةٌ، فله مادتان تمده هذه مرةً وهذه أخرى، وهو
لما غلب عليه منهما. ففيه من محبة الله تعالى والإيمان به، والإِخلاص له، والتوكل
عليه: ما هو مادة حياته، وفيه من محبة الشهوات والحرص على تحصيلها، والحسد والكبر،
والعجب، وحبِّ العلوِّ، والفساد في الأرض بالرياسة، والنفاق، والرياء، والشحِّ
والبخل ما هو مادة هلاكه وعطبه. [انظر: إغاثة اللفهان: 1/9]. نعوذ بالله من هذا
القلب.
وعلاج القلب من جميع أمراضه قد تضمَّنه القرآن
الكريم.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ
رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}
[يونس: 57]، {وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ
لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا} [الإسراء:
82].
وأمراض القلوب نوعان:
نوع لا يتألم به صاحبه في الحال وهو مرض الجهل، والشبهات والشكوك، وهذا
أعظم النوعين ألماً ولكن لفساد القلب لا يُحسُّ به.
ونوعٌ: مرضٌ مؤلمٌ في الحال: كالهمِّ، والغمِّ، والحزن، والغيظ، وهذا
المرض قد يزول بأدويةٍ طبيعيةٍ بإِزالة أسبابه وغير ذلك. [انظر: إغاثة اللفهان
1/44].
وعلاج القلب يكون بأمورٍ أربعةٍ:
الأمر الأول: بالقرآن لكريم، فإنه شفاءٌ لما في الصدور من الشك، ويزيل ما فيها من
الشرك ودنس الكفر، وأمراض الشبهات، والشهوات، وهو هدىً لمن علم بالحقِّ وعمل به،
ورحمةٌ لما يحصل به للمؤمنين من الثواب العاجل والآجل: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا
فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ
مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}. [الأنعام:
122].
الأمر الثاني: القلب يحتاج إلى ثلاثة أمورٍ:
(أ) ما يحفظ عليه قوته وذلك يكون بالإيمان والعمل الصالح وعمل أوراد
الطاعات.
(ب) الحمية عن المضار وذلك باجتناب جميع المعاصي وأنواع
المخالفات.
(ج) الاستفراغ من كلِّ مادةٍ مؤذيةٍ وذلك بالتوبة
والاستغفار.
الأمر الثالث: علاج مرض القلب من استيلاء النفس عليه: له علاجان: محاسبتها ومخالفتها
والمحاسبة نوعان:
أ- نوع قبل العمل وله أربع مقاماتٍ:
1- هل هذا العمل مقدورٌ له؟
2- هل هذا العمل فعله خيرٌ له من تركه؟
3- هل هذا العمل يُقصد به وجه الله؟
4- هل هذا العمل معانٌ عليه وله أعوانٌ يساعدونه وينصرونه إذا كان العمل
يحتاج إلى أعوانٍ؟ فإذا كان الجواب موجوداً أقدم وإلا لا يُقدم عليه
أبداً.
ب- نوعٌ بعد العمل وهو ثلاثة أنواعٍ:
1- محاسبة نفسه عل طاعةٍ قصَّرت فيها من حقالله تعالى فلم توقعه على الوجه
المطلوب، ومن حقوق الله تعالى: الإخلاص، والنصحية، والمتابعة، وشهود مشهد الإحسان،
وشهود منَّة الله عليه فيه، وشهود التقصير بعد ذلك كله.
2- محاسبة نفسه على كلِّ عملٍ كان تركه خيراً له من
فعله.
3- محاسبة نفسه على أمرٍ مباحٍ أو معتادٍ لم يفعله وهل أراد به الله والدار
الآخرة فيكون رابحاً، أو أراد به الدنيا فيكون خاسراً.
وجماع ذلك أن يُحاسب نفسه أولاً على الفرائض، ثم يُكمِّلها إن كانت
ناقصةً، ثم يحاسبها على المناهي، فإن عرف أنهارتكب شيئاً منها تداركه بالتوبة والاستغفار، ثم على ما عملت به جوارحه، ثم على
الغفلة. [انظر إغاثة اللهفان 1/136].
الأمر الرابع علاج مرض القلب من استيلاء الشيطان
عليه:
الشيطان عدو الإنسان والفكاك منه هو بما شرع الله من الاستعاذة وقد جمع
النبي صلى الله عليه وسلم بين الاستعاذة من شر النفس وشر الشيطان، قال عليه الصلاة
والسلام لأبي بكرٍ: "قل اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، ربَّ كل
شيءٍ ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شرِّ الشيطان وشركه،
وأن اقترف على نفسي سوءاً أو أجره إلى مسلم. قله إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت
مضجعك". [الترمذي وأبو داود، وانظر: صحيح الترمذي 3/142].
والاستعاذة، والتوكل، والإِخلاص، يمنع سلطان الشيطان. [انظر: إغاثة
اللهفان 1/145-162].
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن
تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.