التسميات

الموسيقى الصامتة

Our sponsors

06‏/12‏/2014

الحساب يوم القيامة





  11- الحساب:
      معنى الحساب: وهو أن يطلع الله عباده قبل أن ينصرفوا من المحشر على كل ما قد صنعوه وفعلوه في حياتهم الدنيا من تصرفات اعتقادية وقوليه وفعليه سواء كانت خيراً أو شرَّاً.
      قال الله تعالى: {إن إلينا إيابهم(1) * ثم إن علينا حسابهم} [الغاشية: 25 - 26].
      والآيات كثيرة في ذكر الحساب وهول هذا اليوم العظيم، وقد مدح الله الذين يستعدون ليوم الحساب ويخافونه، قال الله تعالى: {والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب} [الرعد: 21]. وذم الله الذين نسوا يوم الحساب، ولم يخشوا هذا اليوم قال الله تعالى: {إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب} [ص:26].
      وفي ذلك تحذير من نسيان يوم الحساب، ووعيد لمن نسيه.

(4) رجوعهم.
وقد بَيَّنَ الله تعالى أن محاسبة عباده سوف تأتي علىجميع الأعمال العلانية والسرية، والجسمية والقلبية، والبادية الظاهرة والنفسية الخفية.
      قال الله تعالى: {لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا(1) ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير} [البقرة: 284].
      فالأعمال القلبية من الحب والبغض والحسد والحقد، والنيات الحسنة والنيات السيئة والهم والعزيمة في الخير والشر، كلُّ أولئك يحاسب به العبد يوم القيامة، فيثاب على خيرها ويعاقب على شرها.
      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة أُقسم عليهن، وأحدثكم حديثاً فاحفظوه: ما نقص مال من صدقة، وما ظُلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله بها عزَّاً، وما تواضع عبد لله إلا رفعه الله تعالى.
      قال وأحدثكم حديثاً فاحفظوه: إنما الدنيا لأربعة فمن: رجل آتاه الله مالاً وعلماً فهو يتقي في مال ربَّه، ويصل فيه رحمه، ويعلم أن لله فيه حقاً، فهو في أعلى المنازل، ورجل آتاه الله العلم ولم يؤته مالاً، يقول: لو أن له مثل فلان(2) لعملت مثله فهو بنيته وأجرهما سواء، ورجل آتاه مالاً ولم يؤته علماً، فهو يخبط في ماله لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه، فهذا في أخبث المنازل، ورجل لم يؤته مالاً ولا علماً يقول لو أن لي مثل فلان(3) لعملت مثله(4) فهو بنيته ووزرهما سواءً" رواه الترمذي وأحمد.
      والهمُّ له اعتباره في الحساب والثواب والعقاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الحسنات والسيئات فمن همَّ بها فعملها كتبت له عشر حسنات إلى سبعمائة إلى أضعاف كثيرة، وإن همَّ بسيئة فلم يعملها(5) كتبت له حسنة كاملة، وإن همَّ بها فعملها كتبت له سيئة واحدة". رواه البخاري ومسلم.
      والإرادات العازمة يحاسب عليها الإنسان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" قيل: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" قيل: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: "إنه أراد قتل صاحبه(6)". رواه البخاري ومسلم.
(1) تُظهروا.
(2) مثل الذي معه مال الرجل الذي سبقه في الذكر.
(3) صاحب المال الذي لا يتقي فيه ربَّه.
(4) من إرتكاب الشهوات وفعل الحرام وأنواع الفسق.
(5) مخافة من الله.
(6) في رواية كان حريصاً على قتل صاحبة.
      فالمعنى أن القاتل سبقه فلم يحقق المقتول إرادته وهي قتل صاحبه فعلاً.
      وأما الخواطر السريعة والوساوس وحديث النفس السيء الذي لم يوطن الإنسان نفسه عليه، ولم يهمَّ به، ولم يعزم صاحبه على إظهاره إلى الوجود، بل يكرهه ويدفعه عن نفسه فهو معفو عنه.
      قال الله تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} [البقرة: 286].
      وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى تجاوز لأمتي ما حدَّثت به أنفسها ما لم يعملوا به أو يتكلموا به". رواه البخاري ومسلم.
      وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوه: إنَّا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به! قال: "أوجدتموه؟" قالوا: نعم. قال: "ذلك صريح الإيمان". رواه مسلم.
      فما يصيب الإنسان وساوس سيئة، وهو ينكرها، ولا يرتضيها فهو غير مؤاخذ عليها، بل إن إنكاره لها وتأذيِّه منها، ووجود ألم نفسي بسببها، ففي هذا دليل واضح على محض الإيمان وصراحته.
      - أصناف الناس الذي يُحاسبون:
      أ- صنف يحاسبون حساباً يسيراً وهو أن تعرض على العبد أعماله فيعرَّف بالطاعة والمعصية ثم يثاب على الطاعة ويتجاوز له عن المعصية، فلا شدة فيه على صاحبه ولا مناقشة ولا يطالب بالعذر فيه ولا الحجة عليه فإنه متى طولب بذلك لم يجد عذراً ولا حجة فيفنضح.
      قال الله تعالى: {فأما من أوتي كتابه بيمينه* فسوف يحاسب حساباً يسيراً} [الأنشقاق: 7-8].
      عن عائشة رضي الله عنهما، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نوقش الحساب عُذِّب".
      قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، أليس قد قال الله عزَّ وجلَّ: {فسوف يحاسب حساباً يسيراً} فقال صلى الله عليه وسلم: "ليس ذاك الحساب إنما ذاك العرض، ومن نوقش يوم القيامة عذِّب". رواه البخاري ومسلم.
      فالمعنى: أن أهل الحساب اليسير لم يحاسبوا مناقشة وتدقيقاً وإنما حسابهم عرض أعمالهم ثم التجاوز عن سيئاتهم.
      عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رجلاً سأله: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يُدني المؤمن فيضع عليه كنفَه ويستره، فيقول: أتعرف ذنبَ كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول العبد: أعرف ربِّ أعرف ربِّ، حتى إذا قرَّره بذنوبه ورأى نفسه أنه قد هلك قال الله تعالى: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته".
      - وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين". رواه البخاري.
      ب- صنف يحاسبون حساباً عسيراً:
      وهؤلاء صنف يحاسبهم الله حساباً عسيراً تدقيقاً، ومناقشة، ولابد أن يعذبوا ويهلكوا، وهؤلاء يأخذون كتبهم بشمائلهم أو من وراء ظهورهم أعاذنا الله من ذلك.
      وقال الله تعالى: {وأما من أوتي كتابه بشماله* فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه(1)} [الحاقة:25].
      وقال تعالى: {وأما من أوتي كتابه وراء ظهره * فسوف يدعو ثبوراً(2) * ويصلى سعيراً(3)}[الأنشقاق: 10 - 12].
      وقال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: "من نوقش الحساب عُذِّب". رواه البخاري ومسلم
      ج- صنف يدخلون الجنة بغير حساب:
      فهؤلاء يدخلون الجنة بغير حساب بسبب توكلهم على الله توكلاً عالياً خاصاً، ويدخل بمعيتهم أعدادٌ من الناس كثيرة وهذا لكرامتهم وفضلهم عند الله تعالى.
      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عُرضت عليَّ الأمم فأخذ النبي يمرُّ ومعه الأمة، والنبي يمر معه النفر، والنبي يمر معه العشرة، والنبي يمر معه الخمسة، والنبي يمر وحده، فنظرتُ فإذا سواد كثير(4)، قلت: يا جبريل هؤلاء أمتي؟ فقال: لا، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد كثير، فقال جبريل هؤلاء أمتك، وهؤلاء سبعون ألفاً قُدَّامَهم لا حساب عليهم ولا عذاب. قلت: ولم؟ قال: كانوا لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون". رواه البخاري.
      وقال صلى الله عليه وسلم: "أعطيتُ سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب، وجوههم كالقمر ليلة البدر، قلوبهم على قلب رجل واحد، فاستزدتُ(5) ربي فزادني مع كل واحد سبعين ألفاً". رواه أحمد.
      ومِن جملة الذين لا حساب لهم:

(1) يقول هذا الكلام بسبب ما سيلاقيه من العذاب الأليم.
(2) يقول يا ثبوراه أي ينادي هلاكاً.
(3) يدخل النار التي هي العذاب الأليم.
(4) أشخاص.
(5) طلب من الله الزيادة.
      الشهداء والعافون عن الناس:
      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وقف العباد للحساب جاء قوم واضعي سيوفهم على رقابهم تقطر دماً، فازدحموا على باب الجنة، فقيل: من هؤلاء؟ قيل: الشهداء كانوا أحياء يرزقون، ثم نادى منادٍ: ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة، ثم نادى الثانية: ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة، قيل: ومن ذا الذي أجره على الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: العافون عن الناس، ثم نادى الثالثة : ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة. فقام كذا وكذا الفاً فدخلوها بغير حساب". رواه الطبراني بإسناد حسن.
      والعلماء العاملون:
      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله عزَّ وجلَّ للعلماء يوم القيامة: إني لم أجعل علمي وحلمي فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان فيكم ولا أبالي". رواه الطبراني ورواته ثقات.
   

0 التعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة الموضوع

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More