الصراط:
أ- معنى
الصراط:
وهو الجسر
الذي ينصب على نار جهنم يوم القيامة، فيجتاز عليه الناس على اختلاف مذاهبهم
وأضرابهم وتفاوت درجاتهم، فمنهم من يمرَّ كطرف العين، ومنهم كالبرق، ومنهم كالريح،
ومنهم كالطير ومنهم كأجاويد الخيل والركاب ومنهم من يبدو له أن الصراط أدق من
السيف، ومنهم من يقع من فوقه ثم يهوي في النار أعاذنا الله من
ذلك.
قال الله تعالى: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأتىّ
يبصرون} [يس: 66].
ب- صفة
الصراط :
قال رسول
الله صلى الله عليه وسلَّم : "بلغني أن الجسر(1) أدق من
الشعر وأحدُّ من السيف". رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله هل يذكر الحبيب حبيبه
يوم القيامة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة أما عند ثلاث فلا، أما عند
الميزان حتى يثقل أو يخف فلا، وأمَّا عند تطاير الكتب فإما أن يعطى بيمينه أو يعطى
بشماله، وحين يخرج عنق النار فينطوي عليهم، ويقول ذلك العنق وُكِّلت
بثلاثة:
وكِّلت بمن ادعى مع الله إلهاً آخر، ووكلت بمن لا يؤمن بيوم الحساب،
ووكلت بكل جبار عنيد. قال: فينطوي عليهم(2)
ويرمى بهم في غمرات النار.
قال: ولجهنم جسر أدق من الشعر وأحد من السيف عليه كلاليب(3)
وحسك(4) يأخذون من
شاء الله تعالى، والناس عليه كالطرف(5) وكالبرق
وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب. والملائكة يقولون: ربِّ سلِّم سلِّم فناج مُسلَّم،
ومخدوش مُسلَّم ومكوَّر(6) في النار
على وجهه". رواه أحمد.
ج- أحوال
الناس في جوازهم الصراط:
أشار الله
تعالى إلى الصراط وإلى صعوبة هذا الموقف العظيم.
}وإن منكم
إلا واردها(7) كان على
ربك حتماً مقضياً ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين جثياً(8)} [مريم: 71
- 72].
-
والذي يمر على الصراط المستقيم اصناف:
1- منهم
يُسلَّم فلا يخدش، ولا يصيبه أيُّ مكروه، وهم المؤمنون حقاً
الصادقون.
2- ومنهم من
يخدش ويناله مكروه من النار ثمَّ بعد ذلك يخلص الذين يمرون على الصراط وهم آمنون
مطمئنون، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
3- ومنهم من
يلفُّ ويلقى، فيسقط في جهنم.
(1) الصراط.
(2) على الثلاثة المذكورين.
(3) حديدة معطوفة الرأس يعلق فيها ويقال لها الكلاب.
(4) وهو نبت ذو شوك وهذا تشبيه لحدة الآلات المحمولة.
(5) كطرفة عين أي سرعة هائلة.
(6) يُلَّف.
(7) يرِد النار أي يحضرها بالمرور على الصراط المدود
عليها.
(8) باركين على ركبهم لشدة الهول.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... ثم يضرب الجسر على جهنم وتحلُّ
الشفاعة ويقولون(1): اللهم
سلِّم سلِّم، قيل: يا رسول الله وما الجسر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: دحضُ مزلَّة،
فيه خطاطيف(2) وكلاليب
وحسك تكون بنجد(3) فيها
شويكة يقال لها السعدان(4)
فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل
والركاب.
فناج مُسلَّمٌ ومخدوش(5) مرسل،
ومكدوس(6) في نار
جهنم. حتى إذا خلص المؤمنون من النار فوالذي نفسي بيده(7) ما منكم
من أحدٍ بأشدّ مناشدةً لله تعالى في استقصاء الحقّ من المؤمنين لله يوم القيامة
لإخوانهم الذين في النار.
يقولون: ربنا كانوا يصومون، ويصلون ويحجون. فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم
فَتحرَّم صُورهم على النار، فيُخرجون خلقاً كثيراً، قد أخذت النار إلى نصف ساقية
وإلى ركبتيه ...". رواه مسلم.
د- الحكمة
من المرور على الصراط:
إن من
استقام على الصراط المستقيم أي الطريق القويم في الدنيا، خفَّ على صراط الآخرة
ونجا، ومن مال عن الاستقامة في الدنيا وأثقل ظهره بالأوزار وعصى، تعثر في أول قدم
من الصراط وسقط وهوى.
فالصراط الذي هو جسر ينصب على نار جهنم، إنما هو تجسيد لمعنى الصراط أي
الطريق الذي ألزم الله به عباده في الدنيا.
فكن يا أخي سالكاً الطريق المستقيم في الدنيا حتى تسلك الصراط بسهولة
يوم القيامة، ولا تكن من الذين مالوا عن الاستقامة في الدنيا، فإنهم لا شك ولا ريب
سيميلون عن الصراط في الآخرة، وتزلّ أقدامهم.
اللهم ثبت أقدامنا على الصراط يوم تزل الأقدام
0 التعليقات:
إرسال تعليق