التسميات

الموسيقى الصامتة

Our sponsors

06‏/12‏/2014

السؤال بين يدي الله يوم القيامة






السؤال:
      قال الله تعالى: {فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعلمون} [الحجر: 92-93].
      وقال الله تعالى: {فلنسألنَّ الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين* فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين} [الأعراف: 6-7].
      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وليلقيَنَّ الله أحدكم يوم القيامة يلقاه ليس بينه وبينه حجاب، ولا ترجمان يترجم له، فليقولن سبحانه: ألم أبعث إليك رسولاً فبلغك؟ فيقول العبد: بلى..." رواه البخاري.
      ولا شك أن الرسل قد بلغت رسالات ربِّهم، وأدوا واجبهم على أكمل الوجوه، ونصحوا الأمة، فإن الله يعلم ذلك، ولا يخفى عليه شيء من ذلك، ولكن في هذا السؤال والإتيان بالجواب إقامة حجة على المنكرين والمكذبين للمرسلين، وإعلان للملأ الكبير هناك أنه لا عذر لمعتذر، ولا حجة لمنكر، لأن الرسالات الإلهية بلغها الرسل وأقامت الحجج والبراهين على حقيتها وصدقها.
      فيسأل المرء عن كلمة التوحيد:
      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُسألون عن لا إله إلا الله" رواه الترمذي.
      ويُسأل المرء عن الصلاة وهي أول ما يسأل عليها، وعن سائر عمله.
      جاء عن قبيصة بن حُريت رضي الله عنه قال: قدمتُ المدينة فقلت: اللهم يَسِّرْ لي جليساً صالحاً يحدثني بحديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلَّ الله ينفعني به، فجلست إلى أبي هريرة رضي الله عنه فقلت: إني سألت الله تعالى أن يرزقني جليساً صالحاً، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح ونجا، وإن فسدت فقد خاب وخسر، وإن انتقص من فريضة شيئاً قال الرب تبارك وتعالى للملائكة: انظروا هل لعبدي من تطوع(1) فيكمَّل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك" رواه الترمذي والنسائي وغيرهما.
      ويسأل الإنسان عن أهله وعما استرعاه الله تعالى:
      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله سائل كل راعٍ عما استرعاه: حفِظ أم ضيَّع؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته(2)" رواه أبن حبان في صحيحه.
      وقال صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته" رواه البخاري ومسلم.
      ويسأل الإنسان عن السمع والبصر والفؤاد.


(1) نوافل فوق الفرائض.
(2) هل أدى واجبه الديني نحو أهل بيته وأحسن رعايتهم وعشرتهم أم أساء.

      قال الله تعالى: {ولا تَقْفُ(1) ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كلُّ أولئك كان عنه مسؤولاً} [الإسراء: 36].
      والمعنى: أن الله ينهى الإنسان أن يتتبع ما ليس به علم من مسموعات ومبصَرات أو معلومات أو تصديقات قلبية ونحو ذلك بأن يتتبع الأوهام والشكوك والظنون مما لا دليل فيه يثبت العلم.
      وذلك أن الإنسان يسأل عن سمعه وبصره وفؤاده أين صرف ذلك، وإلى أي جهة وجهها هل تصرف بسمعه وبصوته وفؤاده، فيما أحل الله أو فيما حرَّم الله؟
      فليتقِ الإنسان ربَّه في سمعه وبصره وفؤاده، وليعلم أن كل ما يمرُّ عليه سمعه وبصره وفؤاده ويَتوجه إليه - ضمن قدرته وإرادته - فهو مسؤول عنه أي يسأل عنه يوم القيامة فإذا كان في الخير أثابه الله على ذلك وآجره، وإن كان في الشر خاب وخسر.
      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقول الله تعالى: ألم أجعل لك سمعاً وبصراً ومالاً وولداً، وسخرت لك الأنعام والحرث، وتركتك ترأس(2) وتربَّع(3)، فكنت تظن أنك ملاقي يومك هذا؟ قال: فيقول العبد: لا، فيقول الله تعالى له: اليوم أنساك كما نسيتني". رواه الترمذي.
      أي اليوم أتركك في العذاب كما تركت في الدنيا شربعتي وديني ولم تؤمن بلقائي.
      فالمؤمن يستعيذ بالله من شر سمعه وبصره، ومن شر لسانه وشر قلبه وشر منيه، وقد علم الرسول صلى الله عليه وسلم أحد أصحابه هذا الدعاء:
      عن شَكلَ بن حُمَيد رضي الله عنه قال: أتيت النبي عن صلى الله عليه وسلم فقلت: يا نبي الله علمني تعويذاً أتعوذ به، قال: فأخذ بيدي ثم قال: "قل: اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي وبصري، وشر لساني، وشر قلبي وشر منييِّ قال: فحفظتها". رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
      - ويسأل الإنسان عن عمره وعلمه وماله وجسمه.
      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزرل قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه ما عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه". رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
(1) ولا تتبع.
(2) أجعلك رئيساً.
(3) في رواية مسلم ترتع ومعنى تربَّع تأخذ ربع الغنيمة لأن الملك كان يأخذ الربع من الغنيمة في الجاهلية.
      أي لا يبرح الإنسان مكانه يوم القيامة عن موقف السؤال حتى يسأل عن عمره فيم أفناه وصرفه أفي طاعة الله أم في معصيته؟.
      ويسأل عن علمه ما عمل به، والناس في العلم على مراتب، فكلُّ يُسأل على حسب ما عنده.
      ويسأل عن ماله من أين حصل عليه وجمعه أم من حرام أم من حلال؟ وفي أي شيء صرفه في حلال أم في حرام؟
      ويسأل عن جسمه فيما أبلاه، فهذا الجسم وما أودع الله تعالى فيه من القوى والعافية أصرف ذلك في الشهوات المحرمة والأهواء النفسية الباطلة حتى تعب جسمه ووهن عظمه وخارت قواه بسبب عصيانه وانتهاكه لما حرم الله؟ أم صرفه فيما يقربه إلى الله تعالى وينال به سعادة الدنيا والآخرة؟
      اللهم استعمل أجسادنا وقواتنا في طاعتك آمين.
      - ويسأل المرء عن النعيم. قال الله تعالى: {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} [التكاثر: 8] فالإنسان يسأل عن النعيم الذي أصابه في الدنيا، ونعم به، وتلذذ من صحة البدن والعافية ولذة الشراب والماء البارد، ولذة المطعم والمأكل ولذة الظلال الباردة، وغير ذلك من النعم التي تحفنا كل يوم.
      عن الزبير بن العوام رضي الله عنه أنه قال: لما نزلت {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} قال الزبير: يا رسول الله، وأي نعيم نسأل عنه وإنما هو الأسودان التمر والماء؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "أما أنه سيكون".
      يعني سيكون السؤال عن التمر والماء وغيرهما من ألوان الأطعمة والأشربة.
      وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فإذا هو بأبي بكر وعمر، فقال لهما صلى الله عليه وسلم: "ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟" فقالا: الجوع يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: "وأنا الذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما، فقوموا" فقاموا معه فأتى رجلاً من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة قالت: مرحباً وأهلاً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين فلان؟! قالت: ذهب يستعذب لنا الماء، إن جاء الأنصاري، فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ثم قال: الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافاً مني.

      قال: فانطلق فجاءهم بعِذْقٍ فيه بُسر وتمر رطب(1) فقال: كلوا، وأخذ المدية(2) ليذبح الشاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياك والحلوبَ(3)" فذبح لهم شاة غير حلوب، فأكلوا من الشاة ومن ذلك العِذق، وشربوا، فلما شبعوا ورَوَوْا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: "والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم". رواه مسلم.
      ويسأل الإنسان عن نيته ومراده من الأعمال الصالحة هل كان في ذلك العمل مخلصاً لله تعالى أم كان مقصوده من ذلك العمل الرياء؟.
      عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه: رجل استشهد فأتي به فعرَّفه نعمه، فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت قال الله له: كذبتَ، ولكنك قاتلت لأن يقال: هو جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
      ورجل تعلم العلم وعلَّمه وقرأ القرآن ، فأتي به فعرَّفه نعمه، فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت ليقال عالم، وقرأت القرآن، ليقال هو قاريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.

      ورجل وسَّع الله عليه وأعطاه من أصناف المال، فأتي به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال الله تعالى له: كذبت، ولكنك أنفقت ليقال هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار". رواه مسلم والنسائي والترمذي وابن حبان.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة الموضوع

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More