التسميات

الموسيقى الصامتة

Our sponsors

‏إظهار الرسائل ذات التسميات آيات عضمة الله في الكون. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات آيات عضمة الله في الكون. إظهار كافة الرسائل

24‏/11‏/2014

التصميم الخاص لعناصر الحياة

التصميم الخاص لعناصر الحياة
قال تعالى في محكم تنزيله : (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (الفرقان:2) .
وقال تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) (المؤمنون:115) .
وقال تعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56).
ويقول " جون بولكنغهورن " وهو فيزيائي إنكليزي [1] .
"إنكم إذا تأملتم في النظام الخارق الذي بني به الكون ولاحظتم التصميم غير العادي الذي خلق به،  فلابد أن يوحي لكم ذلك بأن ثمة هدفاً وغاية وراء كل ذلك" .
حتى هذه اللحظة مازلنا نفحص كيف أمكن تصميم كل التوازنات الفيزيائية للكون الذي نحيا فيه كلي نتمكن من الحياة ولقد رأينا أيضاً أن التركيب العام للكون وكذلك موقع الأرض فيه عوامل مثل الهواء والضوء والماء قد صممت بدقة لكي يكون فيها ما تحتاجه مساهماتنا،  بالإضافة لذلك فنحن بحاجة لأن نلقي نظرة على العناصر التي صنعت منها أجسامنا،  تلك العناصر الكيميائية والتي هي القطع البناء التي تشكلت منها أيدينا وأعيننا وشعرنا وأعضاؤنا تماماً مثل بقية الكائنات الحية الأخرى كالنباتات والحيوانات،  والتي هي مصادر غذائية وهي صممت لتخدم الأهداف التي تفعلها بالضبط .
يشير الفيزيائي (روبيرت ـ س ـ د ـ كلارك ) إلى التصميم الراقي والخاص في بناء قطع الحياة عندما قال : " لقد أعطانا الخالق مجموعة أجزاء مسبقة الصنع وجاهزة لأن تساهم في كل ما هو قيد التصنيع "[2] و أكثر تلك القطع البناءة أهمية هي الكربون .

التصميم في الكربون :
وصفنا في الفصول السابقة العملية غير العادية والتي أنتج بها عنصر الكربون في أعماق النجوم الهائلة والتي تدعى العمالقة الحمراء،  حيث يشغل هذا العنصر  الموقع السادس في الجدول الدوري،  كما شاهدنا كيف أمكن اكتشاف تلك العملية المدهشة في تركيب العناصر، وقد تقدم (فريد هويل ) بالقول في هذا الموضوع معلناً " أن قوانين الفيزياء النووية صممت بتأن مع الأخذ بالحسبان مستقبل النواتج لما يصنع داخل النجوم "[3].
عندما فحصنا الكربون عن قرب وجدنا أنه ليس الشكل الفيزيائي لهذا العنصر صمم بتأن فقط بل رتبت خواصه الكيميائية بإتقان أيضاً كي تكون على ما هي عليه فعلاً .
يوجد الكربون الصافي في الطبيعة بشكلين الغرافيت والألماس،  وهو يدخل مع عديد من العناصر الأخرى مشكلاً مواد كثيرة مختلفة الأنواع،  وخاصة في ذلك المجال المتعدد الواسع الذي لا يصدق من المواد العضوية الحية،  ومثل تلك المواد العضوية الحية أغشية الخلايا ولحاء الشجر وعدسة العين وأظلاف الغزال وبياض البيضة وصفارها وسم الأفعى فكلها صنعت من مركبات أصلها كربون .
يتحد الكربون مع الهيدروجين والأوكسجين والنتروجين بكميات مختلفة عديدة وبتركيبات هندسية متنوعة، منتجة أصنافاً واسعة من المواد ذات الخواص المختلفة الواسعة . بحيث تحتوي جزيئات بعض المركبات الكربونية بالضبط عدد قليل من الذرات وبعضها الآخر يحتوي آلاف وربما الملايين من الذرات، والأكثر من ذلك هو أنه لا يوجد عنصر آخر متقلب ومتعدد الجوانب كالكربون في تشكيله جزيئات غاية في المتانة والثبات .
ولنقتبس بعض ما جاء في كتاب ( دافيدبورني ) والذي عنوانه ( الحياة ) ما يلي :
" الكربون هو عنصر غير عادي تماماً،  فبدون وجود الكربون وخواصه غير العادي  لا يحتمل وجود الحياة على الأرض "[4].
وأيضاً فيما يتعلق بالكربون فقد كتب الكيميائي البريطاني ( نيغيل شيدويك ) في كتابه ( العناصر الكيميائية ومركباتها ) ما يلي :
" الكربون هو الوحيد والفريد من كل العناصر في عدد وتنوع المركبات التي يستطيع تركيبها،  ولقد تم إلى حدّ الآن عزل ووصف أكثر من ربع مليون مركب للكربون،  ومع ذلك فإن ذلك لا يعطي فكرة كاملة عن قدراته طالما أنه الأساس في كل أشكال المادة الحية اللامحدودة التعقيد".[5]
 لأسباب فيزيائية وكيميائية ليس بإمكان الحياة أن تبنى على أن عنصر آخر غير عنصر الكربون ن وفي وقت ما اقترح عنصر آخر بديل عنه وهو عنصر السيليكون ولربما كان بإمكان الحياة أن تبنى عليه، لكننا نعلم الآن أن مثل ذلك التخمين غير ممكن إطلاقاً،  وإذا رجعنا للاقتباس من ( شيدويك ) ثانية نجد :
" نحن نعلم الآن ما يكفي لنكون واثقين من استحالة فكرة أن يحل عنصر السيليكون محل عنصر الكربون كأساس للحياة في هذا العالم " [6]

الروابط المشتركة :
تدعى الروابط الكيميائية التي يدخل فيها الكربون عندما يشكل المركبات العضوية بالروابط المشتركة،  ويقال عن تلك الروابط أنها تحدث عندما تتشارك ذرتان بإلكتروناتهما .
تشغل إلكترونات الذرة طبقات مدارية مخصصة متمركزة في مدارات حول النواة،  ويشغل المدار الأقرب للنواة إلكترونات فقط،  بينما يشغل المدار التالي بثمانية إلكترونات كحد أقصى،  أما المدار الثالث الأبعد عن النواة فيمكن أن يصل عدد إلكتروناته إلى ثمانية عشر،  ويستمر زيادة عدد الإلكترونات مع إضافة مدارات أكبر للذرة،  والمظهر العجيب لهذا المخطط هو إرادة تلك الذرات لأن تتمم عدد إلكتروناتها في طبقاتها المدارية السطحية لثمانية إلكترونات،  فمثلاً للأوكسجين في مداره الثاني الأبعد عن النواة ستة إلكترونات،  وهذا يسبب له رغبة في أن يدخل في اتحادات مع ذرات أخرى تقدم له إلكترونين من عندها يحتاجهم كي يوصل عدد إلكتروناته لثمانية .. أما لماذا تسلك الذرات هذا السلوك ؟ فهو سؤال لا جواب له ؟؟
ولكنه عمل جيد، لأنه لو لم يحدث ذلك العمل فلن تكون هناك حياة ممكنة .
تحدث الروابط المشتركة نتيجة لذلك الميل عند الذرات لتتم طبقاتها المدارية الخارجية لثمانية الكترونات،  ومثال جيد على ذلك هو جزيء الماء H2O والذي قطعة البناء هما ذرتا هيدروجين وذرة أوكسجين حيث تشكلان رابطة تشاركية في هذا المركب حيث يتمم الأوكسجين عدد إلكتروناته في مدارها الثاني لثمانية بالمشاركة بإلكترونين ( واحد لكل ذرة هيدروجين )،  وبالطريقة نفسها فإن كلاً من ذرتي الهيدروجين تقترض ألكتروناً من الأوكسجين لتتم طبقاتها الخاصة .
الكربون جيد جداً في تشكيل الروابط المشتركة مع ذرات أخرى بما فيها ذرات الكربون ذاتها،  ومن ذلك يمكن صنع عدد هائل من المركبات المختلفة وأحد أبسط تلك المركبات هي غاز الميتان،  وهو غاز شائع ومألوف ويتشكل بالترابط المشترك لأربع ذرات هيدروجين وذرة كربون واحدة فالكربون يحوي في مداره الأول إلكترونين وأربعة فقط في مداره الثاني فهو يحتاج لأربعة أخرى ليتم ذلك المدار لثمانية لهذا السبب يكفي أربعة ذرات هيدروجين لتلبي هذه الحاجة وتمم مداره الأخير .
تقول أن الكربون هو عنصر متقلب متعدد الوجوه خاصة في تشكيل الروابط مع غيره من الذرات،  وهذا التقلب يمكنه من تركيب أعداد ضخمة من المركبات المختلفة الأشكال والخواص،  ويدعى صنف المركبات التي يشكلها الكربون مع الهيدروجين حصراً بالهيدروكربون،  وهي عائلة ضخمة من المركبات تشمل الغاز الطبيعي والبترول السائل والكيروسين وزيوت التشحيم،  وتعتبر من ضمن هذه العائلة من الهيدروكربون المادتان الأثيلين والبروبلين الأساس الوطيد . الذي تنصب عليه الصناعة البتروكيميائية الحديثة،  ومن أمثلة تلك المواد البتروكيميائية التي أساسها الهيدروكربون البنزين والتولوين والتربنتين،  وتلك المواد مألوفة لأي شخص يعمل في الدهانات،  وكذلك النفتالين الذي يحمي ملابسنا من العث هو أيضاً مركب هيدروكربون آخر،  وبإضافة  الفلورين تعطي الفريون وهو الغاز الذي يستعمل بشكل واسع في التبريد.
يوجد صنف آخر من المركبات العضوية الهامة والتي تتشارك فيها العناصر التالية : الكربون والهيدروجين والأوكسجين بحيث يتشارك كل اثنين معاً بروابط مشتركة،  وفي تلك العائلة نجد الكحوليات مثل الاثانول والبروبانول والكيتونات والحموض الدسمة مع عديد وعديد من المواد الأخرى،  كما توجد مجموعة أخرى من المركبات مكونة من هذه العناصر بالذات لكنها تعطي السكاكر بما فيها الغلوكوز والفراكتوز .
وما السيللوز الذي يتركب منه هيكل الخشب والمادة الخام للورق إلا كربوهيدرات ( أي سكاكر )،  ومثله الخل وشمع العسل ( شمع النحل) وحمض الفورميك،  وكل واحد من تلك المركبات يأتي بحلة رسمية لا تصدق أن أصله مواد ومركبات تحدث طبيعياً في عالمنا وهي ليست أكثر من ترتيب مختلف للكربون والهيدروجين والأوكسجين تترابط مع بعضها بروابط مشتركة .
عندما يشكل الكربون الهيدروجين والأوكسجين والنتروجين (هذه المرة ) رابطة مشتركة فالنتيجة هي صنف آخر من الجزيئات العضوية،  تلك هي الأساس ومادة الحياة بذاتها،  تلك هي الحموض الأمينية التي تصنع البروتينات،  وما النيوكليوئيدات التي تصنع الدنا ( DNA) سوى جزيئات تشكلت من الكربون والهيدروجين والأوكسجين والنتروجين .
باختصار إن الروابط التشاركية التي تستطيع ذرة الكربون الدخول فيها هي حيوية لوجود الحياة وبقائها فذا لم يكن للهيدروجين والكربون والأوكسجين والنروجين الرغبة في التشارك الألكتروني فيما بينها فستكون الحياة غير ممكنة واقعياً .
إن الشيء الذي يجعل تشكل هذه الروابط ممكنة للكربون هي الخاصية التي يدعوها الكيميائيون بشبه الاسقرار " وهي تعني ان يكون لشيء ما ثبات ضعيف هامشي،  وقد وصف عالم الكيمياء الحيوية (ج. ب. س هالدان ) شبه الاستقرار هكذا :
" يقصد بالجزيء الشبه مستقر بأنه ذلك الجزيء الذي يستطيع أن يحرر طاقة حرة بالتحول،  لكنه مستقر بشكل كافٍ ولمدة طويلة من الزمن ما لم ينشط بالحرارة أو بالإشعاع أو بالاتحاد مع وسيط كيميائي [7]
الذي يقصده هذا التعريف الشبه تقني أن لهذا الكربون تركيباً فريداً يعود له الفضل في تسهيل دخول الكربون في روابط مشتركة تحت شروط نظامية .
وهنا يجب أن نكون أكثر دقة فالوضع بدأ يصبح جدياً ذلك بأن الكربون هو شبه مستقر إطلاقاً عندما ترتفع درجة الحرارة لأعلى من (100س ) .
هذه الحقيقة اعتيادية ومألوفة في حياتنا اليومية بحيث أن معظمنا يأخذ ذلك كمسلمة فمثلاً عندما نطبخ اللحم فالذي نفعله حقيقة هو أننا نغير تركيب مركباته الكربونية لكن توجد نقطة هامة يجب أن نلاحظها وهي أن اللحم المطبوخ صار ميتاً تماماً وهذا يعني أن تركيبه الكيميائي صار يختلف عما كان عليه عندما كان جزءاً من العضوية الحية،  لأنه من المعروف أن معظم المركبات الكربونية تصبح فاسدة عند درجات حرارة فوق (100س ) ومعظم الفيتامينات مثلاً تتفكك عند تلك الدرجة من الحرارة،  وكذلك يتغير تركيب السكر ويفقد بعضاً من قيمته الغذائية ومن حوالي الدرجة (150س) تبدأ المركبات الكربونية في الاحتراق .
وبكلمة أخرى إذا كان على ذرات الكربون أن تدخل في روابط مشتركة مع ذرات أخرى وإذا أريد للمركبات الناتجة أن تبقى مستقرة فيجب ألا ترتفع درجة الحرارة المكتنفة فيها عن ( 100س ) .
وأن أخفض حدود لدرجة الحرارة يجب أن تكون حول درجة الصفر مائوية،  فإذا هبطت درجة الحرارة كثيراً جداً تحت تلك الدرجة فإن النشاط الحيوي العضوي سوف لن يكون ممكناً .
أما في حالة مركبات أخرى فهذه الحالة ليست عامة،  فمعظم المركبات اللاعضوية هي مركبات ليست شبه مستقرة،  أي أن استقرارها لا تتأثر كثيراً بتغيرات درجة الحرارة،  ولنفهم ذلك دعنا نجري التجربة التالية :
لنثبت قطعة من اللحم على طرف قطعة معدن رقيقة وطويلة مثل الحديد ولنسخن الاثنين معاً على النار،  فكلما ازدادت درجة الحرارة سخونة أصبح لون اللحم قاتماً ثم لا يلبث أن يحترق أخيراً وقبل أن يحدث أي شيء للمعدن بزمن طويل . والشيء نفسه سيحدث حقيقة إذا استخدمت الحجر أو الزجاج مع المعدن،  لكنك يجب أن ترفع درجة الحرارة عدة مئات من الدرجات قبل أن يبدأ تركيبها في التغير .
لابد أنك راقبت التشابه بين مجال درجة الحرارة اللازم لكي تتكون مركبات الكربون ذات الرابطة المشتركة وبقائها مستقرة والمجال لدرجات الحرارة السائدة في كوكبنا،  وكما قلنا في مكان من هذا الكتاب أن مجال درجات الحرارة في كل الكون يتراوح بين ملايين الدرجات في أعماق النجوم إلى الصفر المطلق لكن الأرض التي خلقت للبشرية كي تحيا فيها هي الوحيدة التي تملك مجال درجات حرارة ضيق وهو ضروري لتشكل المركبات الكربونية والتي هي القطع البناءة للحياة .
لكن الصدفة العجيبة لا تنتهي هنا،  وهذا المجال لدرجة الحرارة هو الوحيد الذي يبقى فيه الماء سائلاً،  وكما رأينا في فصل سابق أن الماء هو أحد المتطلبات الأساسية للحياة ولكي يبقى سائلاً فإنه يتطلب بالضبط درجات حرارة مركبات الكربون نفسه اللازمة لتشكلها واستقرارها،  ولا يوجد قانون فيزيائي ولا طبيعي بإمكانه أن يأمر بذلك فيكون وتحت الظروف السائدة،  وهذه الحالة هي دليل على أن الخواص الفيزيائية للماء والكربون وكذلك الشروط على كوكب الأرض خلقت جميعاً بهذه الطريقة لتتناسق وتتوافق مع بعضها البعض .

الروابط الضعيفة :
ليست الروابط المشتركة هي النموذج الوحيد للترابط الكيميائي الذي يحفظ مركبات الحياة مستقرة،  لكنه يوجد صنف آخر مختلف من الروابط يدعى بالروابط الضعيفة ومثل تلك الروابط هي أضعف بحوالي عشرين مرة من الروابط المشتركة ومن هنا أتى اسمها ومع ذلك فهي ليست أقل صرامة وحدية في عمليات الكيمياء العضوية،  فبفضل هذه الروابط الضعيفة تتمكن  البروتينات التي تصنع القطع البناءة لكل ذي حياة من أن تحافظ على تركيبها المعقد النشط الثلاثي الأبعاد .
لتفسير ذلك يجب أن نتناول باختصار تركيب البروتينات،  فالبروتينات عادة تكون بشكل سلسلة من أحماض أمينية،  وكلمة سلسلة هنا هي استعارة مجازية صحيحة أساساً لكنها ليست تامة،  وعدم كمالها سببه أن معظم الناس تثير في عقولهم عبارة سلسلة الأحماض الأمينية التي تصنع البروتينات تركيباً ثلاثي الأبعاد وأكثر شبهاً بشجرة ذات فروع مورقة .
فالروابط المشتركة هي التي تضم ذرات الأحماض الأمينية معاً،  بينما الروابط الضعيفة هي التي تحفظ التركيب الثلاثي الأبعاد الأساسي لتلك الأحماض،  ولا يمكن للبروتين أن يبقى موجوداً بدون تلك الروابط الضعيفة وطبعاً بدون البروتينات لا توجد حياة .
الجزء الممتع الآن في هذا العمل هو أن مجال درجة الحرارة والتي تتمكن فيه الروابط الضعيفة هي التي تحفظ التركيب الثلاثي الأبعاد الأساسي لتلك الأحماض،  ولا يمكن للبروتين أن يبقى موجوداً بدون تلك الروابط الضعيفة وطبعاً بدون البروتينات لا توجد الحياة .
الجزء الممتع الآن في هذا العمل هو أن مجال درجة الحرارة والتي تتمكن فيه الروابط الضعيفة من ممارسة وظيفتها هو ذاته المجال السائد على الأرض ويبدوا ذلك غريباً بسبب أن الطبيعة الفيزيائية والكيميائية للروابط المشتركة قبالة الرابط الضعيفة هي أشياء مختلفة كلياً كما أن كلاً منها مستقل عن الآخر .
وبكلمة أخرى لا يوجد سبب جوهري يدعو لأن يتطلب كلاهما مجال درجة الحرارة نفسه ومع ذلك فهي تفعل ذلك بحيث يستطيع كل من نموذجي الروابط أن يتشكل ويحافظ على الاستقرار ضمن هذا المجال الضيق من درجة الحرارة،  وإذا هما لم يفعلا ذلك أي إذا تطلبت الروابط المشتركة مجال درجات حرارة يختلف بشكل واسع عن ذلك الذي للروابط الضعيفة عندئذ سيكون من المستحيل بناء التركيبات الثلاثية الأبعاد للبروتينات المطلوبة .
يشير كل شيء رأيناه ويتعلق بالخواص الكيميائية غير العادية لذرة الكربون إلى وجود تلاؤم وتناسق ضخم بين هذا العنصر الذي تعتبر القطعة البناءة الأساسية للحياة والماء الذي هو حيوي أيضاً للحياة،  وكذلك الأرض باعتبارها ملاذ الحياة ومأوى لها،  ويؤكد كتاب ( قدرة الطبيعة ) لمؤلفه ( ميشيل دينتون ) هذا التلاؤم بقوله :
" من ضمن المجال الضخم لدرجة الحرارة في الكون يوجد فقط نطاق حرارة ضغير جداً يكون فيه (1) الماء سائلاً . (2) المركبات العضوية الشبه مستقرة وافرة بكثير . (3) روابط ضعيفة لاستقرارية الجزيئات المعقدة ثلاثية الأبعاد "[8].
من بين جميع الأجرام السماوية التي رصد ي أي وقت فإن ذلك النطاق الصغير جداً من درجات الحرارة موجود فقط على الأرض،  وبالإضافة إلى ذلك يوجد عليها قطعتان أساسيتان في بناء الحياة وهما الكربون والماء،  والأرض مصدر كريم لهذين المكونين .
كل ذلك يشير إلى أن ذرة الكربون وخواصها غير العادية تم تصميمها خصيصاً للحياة،  وأن كوكبنا خلق خصيصاً ليكون بيتاً لأشكال الحياة أساسية الكربون .

التصميم في الأوكسجين :
رأينا كيف أن الكربون هو القطعة البناءة الأعظم أهمية للعضوية الحية،  كما رأينا كيف أنه صمم خصيصاً ليلبي تلك الوظيفة . ولكن على كل حال فإن بقاء كل أشكال الحياة ذات الأساسي الكربوني مشروط ومنوط بالحاجة الثانية لها وهي الطاقة . فالطاقة هي متطلب لا مفر منه للحياة .
تأخذ النباتات الخضراء طاقتها من الشمس من خلال عملية التركيب الضوئي،  لكن من أجل بقية الكائنات الحية التي تسكن الأرض بما فيها نحن فالمصدر الوحيد للطاقة هو عملية التأكسد،  وكلمة تأكسد هي الكلمة الفنية لكلمة الاحتراق،  ومصدر طاقة العضويات التي تتنفس الأوكسجين هو من إحتراق الغذاء النباتي والحيواني الذي تتناوله تلك الكائنات الحية .
وحسبما يتراءى لك فإن الأكسدة أي الاحتراق هي تفاعل كيميائي تتأكسد فيه المواد،  أي يحدث لها اتحاد بالأكسجين،  وهذا هو السبب في كون الأوكسجين هاماً حيوياً للحياة مثل الكربون والهيدروجين . والصيغة العامة للاحتراق ( الأكسدة ) تبدو كما يلي :
المركب الكربوني + أوكسجين ماء غاز الكربون + طاقة
وما يعنيه ذاك هو أنه عندما تتحد مركبات الكربون والأوكسجين معاً (في شروط مناسبة طبعاً ) يحدث لها تفاعل ويتولد ماء غاز الكربون وتتحرر كمية لا بأس بها من الطاقة،  ويحدث هذا التفاعل بسهولة في مركبات الهيدروكربون،  وما احتراق الغلوكوز ( وهو أيضاً هيدروكربون ) في جسمك بانتظام إلا ليبقيه مغذى بالطاقة .
وتعتبر عناصر الهيدروجين والكربون التي تتركب منها الهيدروكربون من أعظم العناصر سريعة التأكسد وكذلك اتحاد الهيدروجين بالأوكسجين يعتبر من التفاعلات الأكثر سهولة ويرافقها انتشار طاقة عظيمة،  فإذا احتجت وقوداً لتحرقه بالأوكسجين فلن تجد أفضل من الهيدروجين ليفعل ذلك،  ومن وجهة نظر الطاقة يأتي الكربون في الدرجة الثالثة بعد الهيدروجين والبورون،  ويعلق (لورنس هندرسون ) في كتابه ( التلاؤم في البيئة )(The Fitness of the environment) على التلاؤم الأكثر من عادي بما يلي :
" التغيرات الكيميائية الحقيقية والتي تبدو لأسباب عديدة أخرى أنها أنسب تلاؤماً مع العمليات الفيزيائية هي التي تحول الطاقة إلى مجرى الحياة" [9].

التصميم في النار( لماذا لا نشتعل فجأة ؟) :
من خلال ماسبق نجد أن التفاعل الأساسي الذي يحرر،  طاقة ضرورية لبقاء العضويات الحية هو عملية تأكسد مواد هيدروكربونية،  ولكن تلك الحقيقة البسيطة تثير سؤالاً مربكاً وهو إذا كانت أجسامنا مكونة من مواد هيدروكربونية فلماذا لا نتأكسد نحن ؟ أو بصيغة أخرى لماذا لا نشتعل مثل الثقاب عندما يقدح ؟ وأجسامنا على تماس مستمر بالأكسجين الجوي،  ومع ذلك فهي لا تتأكسد ولا تنطلق فيها النيران ؟ فلم لا ؟
السبب في هذا التناقض الظاهري هو أن لجزيء الأوكسجين تحت الشروط النظامية من الضغط والحرارة درجة عالية من الخمولية،  وما يقصده الكيميائيون بكلمة النبالة هو عدم قدرة مادة على الدخول في تفاعلات كيميائية مع مواد أخرى،  لكن يبرز هنا سؤال آخر وهو إذا كان الأكسجين على هذا القدر من النبالة بحيث يجنبنا الاحتراق وتحويلنا إلى رماد،  فكيف يمكن لهذا الجزئ ذاته أن يقوم بالدخول في تفاعلات كيميائية داخل أجسامنا ؟
والجواب على هذا السؤال حير الكيميائيين منذ بدايات منتصف القرن التاسع عشر ولم يتم الوصول إليه إلا في النصف الثاني من القرن العشرين،  وتم ذلك عندما اكتشف باحثون في الكيمياء الحيوية وجود الأنزيمات في الجسم البشري،  واكتشفوا أن الوظيفة الوحيدة لهذه الأنزيمات هي مواجهة الأوكسجين وإدخاله في تفاعلات كيميائية وكنتيجة لسلسلة من الخطوات المعقدة تستخدم تلك الأنزيمات ذرات الحديد والنحاس في أجسامنا كوسطاء،  والوسيط هو مادة تسهل التفاعل الكيميائي وتسمح له بأن يتقدم ويتطور تحت شروط مختلفة ( مثل درجة الحرارة الأخفض .. الخ ) فهو مثلاً يهدأ من عنف التفاعل الكيميائي ويجعله ممكناً .[10]
بكلمة أخرى يوجد هنا وضع ممتع جداً،  وهو أن الأوكسجين الذي يدعم التأكسد والاحتراق بشكل طبيعي،  فيتوقع الإنسان أن ذلك العنصر سوف يحرقه،  لكنه من ناحية أخرى،  فهو خامل كيميائياً ولا يدخل في التفاعلات بسهولة،  ومع ذلك فأجسامنا تعتمد على خلاصة التأكسد بالأكسجين للحصول على الطاقة اللازمة،  لهذا فإن خلايانا تلاءمت مع نظام الأنزيم المعقد بشدة وحولت ذلك الغاز النبيل الخامل إلى غاز فعّال نشط تماماً .
وطالما أننا بصدد هذا الموضوع فيجب أن نشير إلى أن نظام الأنزيم هذا هو مثال رائع للتصميم المقصود والتلاؤم الجيد بحيث لا تستطيع أية نظرية ثورية أن تتحمل مسؤولية التصريح بأن الحياة تطورت نتيجة الصدفة،  رغم أنها تأمل تفسير ذلك.
ما زال يوجد هنا احتياط آخر يحفظ أجسامنا من الاحتراق،  وهذا ما دعاه الكيميائي البريطاني ( نيغيل شيدويك ) بـ (ميزة الخمولية للكربون )[11].
 وهذا يعني أن الكربون ليست مستعجلاً جداً للدخول في تفاعل مع الأوكسجين تحت ضغوط عادية ودرجات حرارة نظامية،  وقد يبدو ذلك كأنه سر أو لغز لكن في الحقيقة إن ما قيل هنا أي شخص يعرفه،  فلطالما أشعل الإنسان مدفأة أو موقداً وقوده الحطب من جذوع الأشجار،  ولكي لا تسمح للنار بالاشتعال يجب أن تأخذ حذرك وتطبق إجراءات أولية كأن تبعد القادح للنار عن المواد القابلة للاشتعال،  أو أن تمنع الارتفاع المفاجئ لدرجة حرارة الوقود ووصولها لدرجة عالية جداً ( كما يحدث عند استعمال وابور لحام المعادن ) . لكن فور بداية احتراق الوقود فالكربون يدخل في تفاعل مع الأوكسجين بسرعة فجائية تماماً وتتحرر كمية كبيرة من الطاقة لهذا كان من الصعب جعل النار تبدأ بدون منبع آخر للحرارة،  وبعد بداية الاحتراق وتحرر مقدار كبير من الحرارة،  فإنها تسبب للمركبات الكربونية الأخرى المجاورة لأن تمسك بالنار جيداً مما يجعلها تنتشر .
عندما نتمعن في هذا الأمر بدقة كبيرة،  فإننا نرى أن النار ذاتها هي مثال رائع على التصميم والتخطيط الرائعين،  وأن الخواص الكيميائية للأوكسجين والكربون قد تم ترتيبها بحيث يدخل هذان العنصران في تفاعل احتراق حالما يتوفر لهما كمية كبيرة من الحرارة يقدمه لهما قادح ناري مناسب،  والاحتراق عملية مفيدة كثيراً،  لأنه إذا لم تكن تلك الحالة قائمة فإن الحياة على هذا الكوكب ستكون غير مقبولة إن لم تكن غير ممكنة .
لنفرض أنه كان للأوكسجين والكربون رغبة أو ميل ضعيف لأن يتفاعل أحدهما مع الآخر عندئذ يصبح الاحتراق الذاتي او الاشتعال الذاتي للأشجار أو الناس والحيوانات من الحوادث المألوفة كلما صار الجور أدفأ قليلاً عما هو عليه،  وربما يحترق الشخص الذي يسير في الصحراء فجأة عند الظهيرة وعندما تكون الحرارة في شدتها العظمى،  وقد تتعرض النباتات والحيوانات للخطر نفسه في مثل تلك الحالات،  وحتى لو كانت الحياة موجودة في ذلك العالم فبالتأكيد لن تكون تلك سعيدة أبداً .
أما إذا كان هذان العنصران ( الكربون والأوكسجين ) أكثر نبلاً وبالتالي أقل نشاطاً تفاعلياً مما هم عليه،  فسيكون هناك صعوبة وربما استحالة حقيقية في إضرام النار في ذلك العالم . ومن المعلوم أنه بدون النار فلن نكون قادرين على حفظ أنفسنا دافئين ومن المحتمل عندئذ أنه لن يكون هناك تقدم تقني على كوكبنا،  فذلك التقدم يعتمد على القدرة في تصنيع المواد ومنها المعدنية وطبعاً بدون الحرارة الموقدة من النار فلن تكون هناك إمكانية لتنقية المعادن أو تصنيعها .
كل ذلك يشير إلى أن الخواص الكيميائية للكربون والأوكسجين قد تم ترتيبها ليكونا في حالة تلاؤم أعظمي مع حاجات الجنس البشري،  وبالتركيز على تلك النقطة يقول ( ميشيل دينتون ) ما يلي :
" هذه اللاتفاعلية العجيبة لذات الكربون والأوكسجين عند درجات الحرارة المحيطة تسبب لهما عند لهما عند إنجاز اتحاد بينهما أن تتأصل في بنية المادة الناتجة طاقات كبيرة،  وتلك الطاقات على قدر كبير من التكيف المجدي على الأرض،  كما مكّن هذا التفاعل العجيب أشكال الحياة المتقدمة من استخدام الطاقات الواسعة للتأكسد بأسلوب منظم ومنضبط ومكّن الجنس البشري من أن يستعمل النار بشكل منضبط وسخر طاقات الاحتراق الضخمة لصالح التطور التكنولوجي " [12]
وبكلمة أخرى فقد خُلق كل من الكربون والأوكسجين يخواص هي الأكثر ملاءمة لحياة الإنسان،  وتسمح لنا تلك الخواص بأن نستعمل النار بأكثر الطرق راحة وفائدة،  والأكثر من ذلك فإن العالم مملوء بمصادر الكربون ( كالأخشاب ) التي تلائم الاحتراق ، وطبعاً كل ذلك يوضح أن النار والمواد اللازمة لها خلقت خصيصاً لتلائم حياة الإنسان وفي ذلك إشارة في القرآن للجسن البشري نحو هذه الظاهرة .. قال تعالى ( الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً ..
الانحلالية المثالية للأوكسجين :
يعتمد استعمال الأوكسجين من قبل الجسم بشدة على خاصة هذا الغاز في انحلاله بالماء،  فالأوكسجين الذي يدخل رئتينا اثناء استنشاق الهواء ينحل فوراً في الدم،  ويدعى البروتين الذي يأسر جزيئات الأوكسجين ويحملها لخلايا أخرى من الجسم بالهيموغلوبين . ويوجد في تلك الخلايا نظام أنزيم خاص يعود له الفضل في استعمال الأوكسجين في أكسدة مركبات الكربون وتحرير طاقاتها،  ويدعى ذلك الأنزيم بـ (ATP) كل العضويات المعقدة تستخلص طاقاتها بهذه الطريقة،  وعمل هذا النظام يعتمد خصيصاً على انحلالية الأوكسجين،  فإذا كان الأوكسجين غير منحل بشكل كافٍ فلن يدخل ما يكفي منه في مجرى الدم ولن تتمكن الخلايا من توليد الطاقة اللازمة لها،  ومن ناحية أخرى إذا كان الأوكسجين شديد الانحلال فسوف يكون هناك زيادة منه في الدم،  مسبباً ذلك ما يعرف باسم سمية الأوكسجين .
والفرق في الانحلالية في الماء للغازات المختلفة تتغير بعامل مقداره  مليون مرة من أقل الغازات انحلالية،  وبالتالي لا يمكن أن يوجد غازات لها انحلالية متماثلة،  وعلى سبيل المثال فإن انحلالية غاز الكربون في الماء هي أكثر بعشرين مرة من انحلالية غاز الأوكسجين،  ومن ضمن هذا المجال الواسع للانحلاليات الكامنة لمختلف الغازات هي تلك التي يمتلكها الأوكسجين فهي بالضبط ما يلزم ويتلاؤم مع حياة الإنسان .
ما الذي يحدث إذا كانت نسبة انحلالية الماء للأوكسجين مختلفة أي إذا كانت أكثر بقليل أو أقل بقليل عما هي عليه،  ولنأخذ مثالاً على الحالة الأولى . فإذا كان الأوكسجين أقل انحلالية في الماء ( وكذلك في الدم) فسيدخل مجرى الدم كمية أوكسجين أقل وستكون خلايا الجسم جائعة للأوكسجين مما يجعل الحياة أكثر صعوبة للعضويات ذات النشاط الأيضي مثل الكائنات البشرية،  ولا يهم كم هي المشقة التي بذلتها أنت أثناء التنفس وسف تواجه بانتظام خطر الاختناق بسبب عدم كفاية الأوكسجين الواصل إلى خلايا جسمك .
ومن ناحية أخرى إذا كانت انحلالية الماء للأوكسجين أعلى من ذلك فإنك تتحدى وتجابه تهديد السمية الأوكسجينية والتي ذكرناها منذ قليل . حيث يصبح الأوكسجين مادة خطرة،  فإذا حصلت عضوية على كثير منه فالنتيجة مميتة لها،  قد يدخل بعض الأوكسجين في الدم في تفاعلات كيميائية مع ماء الدم ذاته . فإذا صارت كمية الأوكسجين المنحلة عالية يمارس النظام المعقد للأنزيمات وظيفته في الدم ويمنع حدوث ذلك،  لكن إذا أصبحت كمية الأوكسجين المنحلة عالية جداً عندئذ لا تستطيع الأنزيمات ان تمارس عملها،  ونتيجة لذلك فإن كل نفسٍ سنأخذه سوف يسممنا شيئاً فشيئاً ويقودنا ذلك إلى الموت سريعاً،  ولقد علق (إيرين فريدوفيتش ) على ذلك بقوله :
" كل العضويات التي تتنفس واقعة في فخ قاسٍ،  فالأوكسجين بالذات الذي يدعم حياتهم هو سام لهم،  ويبقون أحياء مع وجود الشك،  والفضل في بقائهم أحياء هي آليات دفاع متقنة "[13]
إن ما ينقذنا من هذا الفخ ( وهو التسمم بزيادة الأوكسجين الكثير وتعرضنا للاختناق في حال نقصانه ) هو حقيقة التصميم الدقيقة بين نظام انحلالية الأوكسجين ونظام الأنزيم المعقد في الجسم ) . بحيث خُلق هذا الترتيب ليكون كما يريد هذان النظامان،  فالله سبحانه وتعالى لم يخلق الهواء لكي نتنفسه فقط لكنه خلق أيضاً أنظمة تجعلنا نستعمل هذا الهواء بتوافق تام بين هذين النظامين .

العناصر الأخرى :
طبعاً ليس الكربون والأوكسجين هما العنصران الوحيدان اللذان تم تصميمها بدقة لجعل الحياة ممكنة،  بل هناك عناصر أخرى كالهيدروجين والنتروجين اللذين يشكلان الجزء الأكبر من أجسام كل ذي حياة،  لهما أيضاً مساهماتهما في جعل الحياة ممكنة،  وفي الحقيقة يبدو أن كل عنصر موجود في الجدول الدوري له دور في الوظائف الداعمة للحياة .
يوجد في الجدول الدوري اثنان وتسعون عنصراً تتراوح ما بين الهيدروجين الأخف وزناً على الإطلاق إلى اليورانيوم أثقلها جميعاً،  وطبعاً توجد عناصر أخرى بعد اليورانيوم لكنها لا تتشكل طبيعياً بل يتم توليدها تحت شروط مخبرية،  ليس فيها عنصر مستقر،  ومن الاثنين والتسعين عنصراً يوجد خمس وعشرون منها ضرورية مباشرة للحياة،  ومن بينها أحد عشر عنصراً تشكل 99% من وزن الإنسان وأيضاً للكائنات الحية الأخرى،  وتلك العناصر هي :
(الهيدروجين،  الكربون ـ الأوكسجين ـ الصوديوم ـ المنغنزيوم ـ الفوسفات ـ الكبريت ـ الكلور ـ البوتاسيوم ـ الكالسيوم ) .
أما الأربعة عشر عنصراً الأخرى فهي موجودة في العضويات الحية بكميات صغيرة جداً،  ومع ذلك لها وظائفها الهامة حيوياً وهؤلاء هم :
(الفناديوم ـ الكروم ـ المنغنزيوم ـ الحديد ـ الكوبالات ـ النيكل ـ النحاس ـ التوتياء ـ الموليبدوم ـ البورون ـ السيليكون ـ الفلور ـ اليود ).
كما وجد في بعض العضويات الحية ثلاثة عناصر هي :
( الآسينيك،  القصدير،  التنغستن )
حيث تقوم هذه العناصر الأخيرة بوظائف لم تفهم بعد،  ولقد ثبت وجود ثلاثة عناصر أخرى ( البروم ـ السترونسيوم ـ الباريوم ) في معظم العضويات الحية لكن وظائفها ما زالت غامضة . [14]
يشير هذا الطيف الواسع المتضمن ذرات كل السلاسل المختلفة في الجدول الدوري والتي رتبت عناصره طبعاً لصفحات ذراتها إلى أن كل مجموعات العناصر في الجدول الدوري والتي رتبت عناصره طبعاً لصفحات ذراتها إلى أن كل مجموعات العناصر في الجدول الدوري ضرورية بطريقة أو بأخرى لكي تكون الحياة ممكنة،  وقد علق ذلك الكاتبان ( ج ج فراستودي سيلفا . رج ب وليامز ) في كتابهما ( الكيمياء الحيوية والعناصر ) ( The Biological chemistry of the elements) بما يلي :
" يبدو أن العناصر الحيوية قد تم اختيارها عملياً من كل المجموعات،  والمجموعات الجزئية في الجدول الدوري ... وهذا يعني عملياً أن كل أنواع الخواص الكيميائية مرتبطة بعمليات الحياة وضمن حدود مفروضة من تقييدات البيئة " [15]
حتى العناصر الثقيلة والنشطة إشعاعياً والتي وردت في نهاية الجدول الدوري قد سخرت هي أيضاً لخدمة حياة الإنسان،  ويصف ( ميشيل دينتون ) بالتفصيل في كتابه ( قدر الطبيعة ) الدور الأساسي لتلك العناصر النشطة إشعاعياً مثل اليورانيوم الذي لعب دوراً أساسياً في تشكل التراكيب الجيولوجي للأرض،  أن للنشاط الإشعاعي الذي لعب دوراً أساسياً في تشكل التراكيب الجيولوجي للأرض،  أن للنشاط الإشعاعي الذي لعب دوراً أساسياً في تشكل التراكيب الجيولوجية للأرض،  أن للنشاط الإشعاعي الذي يحدث طبيعياً في بعض العناصر ارتباط وثيق بحقيقة قدرة لب الأرض على الاحتفاظ بحرارته،  وتلك الحرارة هي التي تبقى محتوياته من الحديد والنيكل في  حالة سائلة،  وأن ذلك اللب السائل هو مصدر الحقل المغناطيسي الأرضي والذي كنا رأينا سابقاً أنه يحمي كوكبنا من الإشعاع الخطر والجسيمات الآتية من الفضاء وكذلك له وظائف أخرى لا تقل أهمية عن ذلك .
حتى الغازات الخاملة والعناصر مثل المعادن الترابية النادرة يبدو أنه لا أحد من هذه العناصر يتدخل في دعم الحياة،  لكنها ظاهرياً موجودة بسبب الحاجة لتأمين ذلك المجال من العناصر التي تحدث إشعاعاً طبيعياً قد يمتد ذلك المجال لأبعد من اليورانيوم في الجدول الدوري 100
باختصار : إن كل العناصر الموجودة لها دور وظيفي محدد لخدمة حياة الإنسان،  ولا يوجد من تلك العناصر ما يمثل زيادة أولا هدف منه،  وهذه الحالة هي أقصى دليل على أن الله هو الذي خلق الكون وسخره للإنسان .
استنتاج :
كل خاصة كيميائية أو فيزيائية في هذا الكون أمكننا فحصها أتت في مكانها المناسب ودورها الصحيح بالضبط،  كما أتت طبقاً  لما تحتاجه مساهمتها في نظام الحياة لتحافظ عليها،  ومع كل تلك الدراسة في هذا الكتاب فإننا لم نخط على سطح الدليل الشامل للحقيقة سوى خدش بسيط منها،  ومهما تعمق الإنسان في التنقيب عن معلومات وتفاصيل،  ومهما توسع بالبحث فستبقى تلك النظرة العامة التي ذكرناها حقيقة،  ففي كل تفصيل لدقيقة من دقائق هذا الكون يوجد هدف يخدم حياة الإنسان،  وكل جزء دقيق مهما كان صغيراً في هذا الكون صمم ليكون كاملاً ومتوازناً ومتناسقاً ومضبوطاً لإنجاز الهدف من وجوده .
بالتأكيد هذا برهان على وجود خالق أسمى،  وهذا الخالق هو الذي أتى بهذا الكون وأظهره في هذا الوجود لهذا الغرض،  فكل مادة نفحص خواصها نرى فيها معلومات لا نهاية ولا حدود لها،  وتبدو فيها حكمة الله وقدرته،  فالله خلقها من العدم فأتى كل شيء ينحني لإرادته تعالى،  وهذا هو السبب في أن كل شيء وأي شيء في الكون يتناسق مع كل شيء آخر فيه .
هذا هو الاستنتاج الذي توصل إليه أخيراً علم القرن العشرين،  وما ذاك إلا كشف لحقيقة بينها الله للإنسان في القرآن قبل أربعة عشر قرناً مضى،  وقد خلق الله كل جزء في هذا الكون ووضع كمال خلقه في الآية التالية : قال تعالى (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الملك:1) .
المصدر : كتاب خلق الكون من العدم   هارون يحيى .

عـجـائب الضـوء

عـجـائب الضـوء
قال تعالى {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ} (1) سورة الأنعام
ـ {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ}  38،39 سورة الحاقة    .


فما هو هذا الضوء الذي نرى به الأشياء ؟.. و ما هو هذا الذي أقسم الله بأننا نبصره و لا نبصره ؟..
وهو جلت قدرته لا يقسم في القرآن إلا بأعظم آياته من المخلوقات ؟
إن الأشعة التي تصل إلى أرضنا من الشمس و من كل كوكب مضيء تأتي عبر      ( الأثير) كما كانوا يقولون، مهتزة باهتزازات مختلفة في عددها، أي في أمواج مختلفة في أطوالها ، و لكن أبصارنا لا تستطيع أن ترى من هذه الأمواج إلا جزء قليلاً جداً ، و هي الأمواج التي تحدث ألوان الطيف الشمسي السبعة .أما  الأمواج الأخرى أما الأمواج الأخرى فلا يمكن رؤيتها .
و اختلاف الأمواج في أطوالها، هو الذي يفرق بينها في ألوانها و تأثيراتها : فأطوال الأمواج التي يقدر بالأموال ، و  لا تقصر عن ست موجات في البوصة ، هي الأمواج التي تؤثر في اللاسلكي . فإذا قصرت الأمواج عن ذلك أصبحت تحدث الحرارة ، نسميها    ( أمواج الحرارة المظلمة ) لأننا لا نراها ما دام طولها لا يزيد عن جزء من ثلاثين ألف جزء من البوصة .
فإذا تجاوزت هذا الحد بسرعتها تصبح قادرة على التأثير في أبصارنا فنسميها        ( أمواج الضوء ) و هي التي تحدث ألوان الطيف الشمسي السبعة . و يختلف لون هذه الأمواج المرئية باختلاف سرعتها ،  فعندما تكون سرعتها في البوصة الواحدة (34) ألف موجة ، تحدث الضوء الأحمر فإذا قصرت عن ذلك تحدث البرتقالي ، ثم الأصفر ، ثم الأخضر ثم الأزرق ، ثم النيلي . فإذ أزداد قصرها كثيراً ، وأصبحت الأمواج أمواج متقاربة بحيث تشغل ( 60) ألف موجة منها بوصة واحدة ، فإنها تحدث الضوء المسمى( فوق البنفسجي) الذي يظهر لنا تأثيره في المواد الكيماوية . ووراء ذلك سلالم كثيرة ، فان العالم المنظور ليس إلا شيئاً ضئيلاً بالنسبة إلى العالم غير المنظور .
فالأمواج الأثيرية المعروفة حتى الآن تنتظم في أكثر من ( 27) سلماً ، المنظور منها سلم واحد ، و السلالم الأخرى غير منظورة .
فهل فهمنا معنى قوله تعالى {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ}   38،39 سورة الحاقة     
المصدر : قصة الإيمان   الشيخ  نديم الجسر 

النظام الفريد في المجموعة الشمسية

النظام الفريد في المجموعة الشمسية

قال تعالى : (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (يّـس:40) .
نعلم أن في المجموعة الشمسية ثمانية كواكب غير منيرة تدور حول الشمس : أصغرها عطارد ثم المريخ ثم الزهرة ، فالأرض فارونوس فنبتون فزحل فالمشتري ، ثم بلوتوا الذي كشفوه منذ أكثر من أربعين عاماً ( و هو كوكب شاذ في صغر حجمه و في بعده عن الشمس فلا يصلح أن يكون سبباً قاطعاً لإبطال النسبة العجيبة التي سأذكرها عن بعد الكواكب من الشمس ) .
هذا في ترتيب أحجامها ، و أما بعدها عن الشمس فالكواكب تأتي على ترتيب آخر : فأقربها عطارد الذي يبلغ متوسط بعده عن الشمس 36 مليون ميل ، ثم الزهرة و متوسط بعدها 67 مليوناً ، فالأرض و متوسط بعدها 93 مليواناً ، فالمريخ و بعده مليوناً ، فالمشتري و بعده 484 مليوناً ، فزحل 887 مليوناً ، فأورانوس و بعده 1782 مليوناً ، و نبتون و متوسط بعده عن الشمس 2792 مليوناً من الأميال .
و ما ذكرت لك هذه الأحجام و الأبعاد إلا لأعرفك بشيء أنت تعرفه ، أو تستطيع أن تعثر عليه في أبسط كتب الفلك ، وإنما ذكرتها لأعرفك بما تنطوي عليه هذه الأبعاد من نسب مقدرة تدهش العقول فقد كشف العلماء أن أبعاد هذه السيارات عن الشمس جارية على نسب مقدرة و مطردة تسير وفق (9) منازل :
 أولها ( الصفر ) ثم تليه ثمانية أعداد تبدأ بالعدد (3) ثم تتدرج متضاعفة هكذا :
( 3ـ 6 ـ 12ـ 24 ـ48ـ 96ـ 192 ـ384)، فإذا أضيف إلى كل واحد منها العدد (4) ثم ضرب حاصل الجمع بتسعة ملايين ميل ، ظهر مقدار بعد السيارة التي في منزلة العدد عن الشمس ،  أي أنه بإضافة (4) إلى كل منزلة تصبح المنازل التسع هكذا ك (4ـ 7ـ10 ـ28ـ100ـ196ـ388).
فإذا أخذنا أعداد المنازل هذه و ضربنا كل عدد منها بتسعة ملايين يظهر لنا بعد السيارة التي هي في منزلة ذلك العدد عن الشمس .
فعطارد مثلاً يبلغ متوسط بعده عن الشمس(36) مليون ميل كما سبق القول ، و بما أن منزلته في البعد هي الأولى فيكون رقمها (4) فإذا ضربنا 4×9000000يكون حاصل الضرب (36) مليون ميل . و هكذا تسير النسبة في بعد كل سيار عن الشمس مع فروق مختلفة قليلة .
و لكنهم رأوا كيف تكون المنازل التي اكتشفوها في تفاوت الأبعاد تسع منازل في حين أن الكواكب المعروفة ثمانية .
 فقد وجدوا أن منزلة العدد (28) ليس فيها كوكب ، بل يأتي بعد المريخ صاحب العدد(16) ، كوكب المشتري الذي هو صاحب العدد (52 ) .
 فما هو السر في هذا الفراغ ؟ إما أن تكون النسبة التي اكتشفوها غير مطردة  وإما أن يكون هنالك كوكب غير منظور في مرتبة العدد (28) على 252 مليون ميل عن الشمس ، أي بين المريخ و المشتري .
و من عجائب النظام الباهر أنهم وجدوا أخيراً في هذا الفراغ الشيء الذي قدّروا أنه لابد من وجوده . و لكنهم لم يجدوه كوكباً كبيراً بل وجدوا كويكبات صغيرة كثيرة تدور كلها في الفراغ المذكور الذي بين المريخ و المشتري أي في نفس المنزلة التي حسبوها من قبل فارغة .
فهل هذا التناسب في مواقع النجوم و أقدارها ، و مواقع الكواكب و أبعادها ، كله أثر من آثار المصادفة العمياء ...
عن كتاب قصة الإيمان   تأليف الشيخ : نديم الجسر  ص 307  308  بتصرف .ط . دار الهجرة  

الإيمان بالله و الدلائل العلميـة علـى وجـود الله

الإيمان بالله و الدلائل العلميـة
علـى وجـود الله

الإيمان بوجود الله فطرة في النفس الإنسانية ، وهو أمر ضروري يحصل للإنسان كثمرة من ثمرات مواهبه العقلية1 .
فمن الأمور المتفق عليها أن كل شيء له علة توجده ،أو صانع يصنعه، فإذا نظر الإنسان إلى الكون و استعرض ما فيه من كائنات حصل له علم ضروري بأن هذه الكائنات لم بوجد صدفة بل لابد لها من موجد أوجدها
البرهان على وجود الله
 "  اعتقاد الأفراد و النوع الإنساني بأسره بالخالق اعتقاداً اضطرارياً قد نشأ قبل حدوث البراهين الدالة على وجوده ، و مهما صعد الإنسان بذاكرته في تاريخ طفولته فلا يستطيع أن يحدد الساعة التي حدثت فيها عقيدته بالخالق،تلك العقيدة التي نشأت صامتة و صار لها أكبر الأثر في حياته .
فقد حدثت هذه العقيدة في أنفسنا ككل المدركات الرئيسية على غير علم منا.
ولا شك أنها كانت  تحت تأثير أغاني الأمومة و الدروس و البحث ، أو بالتغييرات التي تحدثها الأحوال على أرق عواطفنا ... و كل ما يحدث في طفولة الإنسان يحدث نظيره في طفولة الأمم ... فالتاريخ يرينا الناس حاملين عقيدة فطرية على وجود قدرة خالقة للعالم و حاكمة بين الناس بالعدل ، تكافئ على الحسنة و السيئة سواء في هذه الدنيا أو في الحياة المستقبلية "2.
تطور الإنسان القديم في مجال الاعتقاد بالله و انتابته الشكوك في الخالق، فأرسل الله أنبياء تباعاً لإرشاد الناس إلى الطريق القويم و أيدهم بالمعجزات ، وهي الأفعال التي فاقت مقدور البشر ليستجيب الناس لهم و يصدقوهم بأنهم مرسلون من عند الله ، فيهتدوا بعد الضلال الذي لازمهم
أما العقل البشري البري اليوم فلم تعد المعجزات تؤثر فيه ذلك التأثير الكلي كما كان بالأمس ، بل أصبح العقل و الإقناع هما السبيل الأول للفكر الإنساني المعاصر ، و لهذا كان على (الدين ) أن يبرز أدلة جديدة على وجود الخالق.
وقد كان من المحال على الإسلام ما ادعاه الأب تيري الذي قال :" حرم النبي محمد صراحة أي استعمال للعقل في المشكلة الدينية لأن وجود الله لا يمكن البرهنة عليه و الاجتهاد فيه ، وانطلاق العقل ليس من الواجبات الأساسية في القرآن "3 وهذا القول كما سيتبين لنا ـ فيما بعد ـ لا يمت إلي الحقيقة بصلة .
ومن المدهش أن الدلالة على الخالق، و الآيات القرآنية التي دعت إلى الإيمان بالله ارتكزت على العقل و الفطرة الإنسانية و جعلنهما سبيل المؤمنين في تدعيم إيمانهم .
وها نحن سنعرض هذه الأدلة ونترك للقارئ أن يحكم بنفسه على مدى قوتها ، و كيف راعى الإسلام تطور العقل البشري الذي توصل إلى الكشف عن كثير من أسرار هذا الكون الذي يشهد بأن هناك خالقاً حكيماً أبدع كل شيء على الصورة وهذه السنن البالغة نهاية الدقة والنظام .

هذا الكون آية على وجود الله
 من أعظم الدلائل على وجود الله : خلق الكون، فالأرض التي نعيش عليها و المجموعة الهائلة من النجوم التي تتراءى لنا تبهر النظر عند التأمل فيها، فتقف النفس أمامها حائرة تسودها الرهبة و يسيطر عليها الإعجاب ، فتزداد إيمانا بعظمة الخالق .
و القرآن الكريم كثرت فيه الآيات التي تدعوا الإنسان بأن يوجه نظره إلى خلق هذا الكون ـ من سمائه و أرضه ـ و تدعوه إلى التفكر في أسراره ليدعم إيمانه ويطرد الشك من نفسه قال الله :(قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) (يونس:101)
فالقرآن يصرح بأن الإلحاد إذا استمر بعد النظر في هذا الكون و ما فيه من حكم و أسرار تدل على التصميم و على وجود خالق له ، فليست هناك أدلة أقوى من هذه ،كما أنه لن يؤثر في الملحدين أي دليل آخر .
فالمؤمنون هم الذين يستدلون بخلق هذا الكون على وجود الله ، جاء في القرآن (خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) (العنكبوت:44)
و جاء أيضاً (إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الجاثـية:3)
ولكن ما هذا الكون ؟..
 يقول علماء الفلك :إن الأرض ليست إلا فرداً من أفراد الأسرة الشمسية ، و الأسرة الشمسية ليست إلا فردا من أفراد المجموعة المجرية ، و المجموعة المجرية ليست إلا فرداً من مجموعة المدن النجومية التي في الفضاء ، ثم إن هناك أيضاً نيازك و شهباً و أقماراً و مذنبات
ثم ما هو عدد النجوم في مجرتنا وهي ما يطلق عليه " درب التبانة "و هي التي تنتسب شمسنا و كواكبنا إليها ؟
فإذا نظرنا إلها بالعين المجردة فإن العدد الكلي لهذه النجوم التي تظهر في نصف الكرة الشمالي أو ما يظهر في النصف الجنوبي ـ  لا يزيد على ستة آلاف .
ولكن إذا نظرنا إلها خلال المناظير فان الموقف يتغير تغيراً تاماً ، فالعالم الفلكي كابتن يقدر عددها بـ :40000مليون نجم4 و ترتقي في تقدير شايبل5 إلى 100000مليون نجم ، وقدر عدد المجرات بما يزيد على 100مليون مجرة تحتوي على ملايين النجوم المشتعلة .
و ما هي أحجام هذه النجوم بالنسبة للشمس ؟
فالشمس نجم كسائر ما نرى في السماء من نجوم وهي إن تراءت لنا نجماً متوسطاً ، فأصغر النجوم التي اكتشفت للآن نجم (فان مانن) إن زاد قدره عن الأرض فلا يزيد إلا قليلاً ، فمليون من مثل هذا النجم يمكن إن يزج فيه في الشمس ويبقى محل لغيره ، وهناك نجم منكب الجوزاء هو من العظم بحيث يمكن أن يزج فيها بملايين كثيرة من الشمس في الحجم و زيادة .
ثم ما هي أبعاد هذه النجوم  عنا ؟
إن المجموعة الشمسية التي تنتسب لها الأرض تكاد تكون منعزلة انعزالاً تاماً في الفضاء بالنسبة لما تبعد عنها النجوم الأخرى ، و إليك البيان : الشمس تبعد عنا أقل من 93مليون ميل أي أبعد 400 مرة تقريباً من القمر ، أما إذا احتجنا أن نقيس أبعاد النجوم الأخرى فلا يكفي الألف مليون بل لا بد من مليون المليون ، و لهذا اتخذ علماء الفلك من سرعة الضوء وحدة للقياس وقدّرها العلماء 186000 ميلاً في الثانية .
فأبعد الكواكب السيارة و هو (بلوتوا) الذي ينتسب للمجموعة الشمسية يستغرق الضوء المنبعث منه إلينا ما بين أربع ساعات و خمس مع أن الضوء الآتي من أقرب النجوم يستغرق ما بين أربع سنوات و خمس ، وأقصى ما توصلت المراصد إليه و آلات التصوير الحساسة رؤية مجموعات من النجوم تبعد عنا بمدى ألفي مليون سنة ضوئية .
و مما يلفت النظر أنه قد تبين أن مجموعتنا النجمية تدور ببطء حول محورها المركزي ، و لقد وجد أيضاً إن المجامع النجمية الأخرى في حالة دوران مشابهة6 .
إن هذه البلايين من النجوم الموزعة توزيعاً منتظما ً في هذا الكون و تحركاتها وفق قانون معلوم بحيث لا يصطدم ببعضها لبرهان على وجود الله لا يقف أمامه برهان ، وهذا ما استدل به القرآن :
فلا أقسم بمواقع النجوم .و إنه لقسم لو تعلمون عظيم  الواقعة : 75.
و إن في قوله تعالى (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) (الواقعة:76) لشاهد على أن القرآن وحي إلهي ، فهذا التعبير لم يدرك إلا علماء الفلك حديثاً وذلك بعد اختراع المناظير الضخمة التي أرتهم من عجائب الكون ما كان خافياُ .
يقول انشتاين : " إن ديني يشتمل على الإعجاب المتواضع بتلك الروح العليا غير المحددة و التي تكشف في سرها عن بعض التفصيلات القلية التي تستطيع عقولنا المتواضعة إدراكها وهذا الإيمان القلبي العميق والاعتقاد بوجود قوة حكيمة عليا نستطيع إدراك خلال ذلك الكون الغامض يلهمني فكرتي عن الإله "9.
ويقول الدكتور ماريت ستانلي كونجدن10 : أن جميع ما في الكون يشهد على وجود الله سبحانه و يدل على قدرته، وعندما نقوم نحن العلماء بتحليل ظواهر هذا الكون ودراستها حتى باستحداثها الطريقة الاستدلالية فاتنا لا نفعل أكثر من ملاحظة آثار أيادي الله وعظمته 11.
ألا يحق لنا أمام هذا الكون و ما تكشف لنا حقائقه أن نؤمن إيماناً عن عقل واقتناع لخالقه، ونردد ما جاء في القرآن في تقرير هذه الحقيقة:(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (البقرة:164) .
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (آل عمران:191) .
الليل و النهار آيات على وجود الله
جاء في القرآن الكريم :(وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (فصلت:37) .
فاختلاف الليل و النهار هو من تأثير دوران الأرض حول نفسها ، و هذا الدوران من الآيات الباهرة التي تدل على وجود الله ، ذلك لما يتراءى للناظر من الدقة في دوراتها بحيث لا تخطئ ثانية من الثواني . إن ساعة من معدن بزن جرامات معدودة تدور فتخطئ في اليوم بضع ثوان ومع ذلك نقول عنها ما أضبطها،  فما أمر ساعة و هي هذه الكرة الأرضية جرمها ملايين ملايين الملايين من الأطنان تدور فلا تخطئ في اليوم ثوان و لا أعشار ثوان و لكن بضعة أجزاء من ألف من الثانية وتخطئها لأسباب معلومة محسوبة فما هي بأخطاء .
ودوران لأرض له تأثير عظيم على الحياة على سطح هذه الأرض ، فلولا هذا الدوران المنتظم لفرغت البحار و المحيطات من مائها ، و لو دارت الأرض أتسرع مما تدور لتأثرت المنازل و تفكك ما على الأرض ، ولو دارت الأرض أبطأ مما لهلك من عليها من حر و من برد12.
و القرآن الكريم أشار إلى دوران الأرض بهذه الآية الكريمة و نبه الأنظار إلى دقة دورانها  و (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) (النمل:88) .
صوّر الله في هذه الآية حركة الأرض وبدورانها بمرور الجبال التي هي أبرز ما على الأرض و هذا يستتبع دوران الكرة الأرضية لأن الجبال ملتصقة فيها .
والشمس هي الآية الكبرى على وجود الله و التي سخرها الله لحياة جميع الكائنات الأرضية ، فمن أين تأتي بوقودها ؟
إن كانت تنفق من مخزن في باطنها إذن لانخفضت درجة حرارة الشمس عاماً بعد عام ، و معنى هذا أن عمر الشمس لن يمتد كثيراً ، و لكن إذا نظرنا إلى الماضي البعيد رأينا الشمس أعطت الأرض من الحرارة بمقدار لا يزيد ولا ينقص في الحدود التي يعيش فيها النبات و الحيوان و الإنسان .
لابد إذن من شيء يعطي للشمس من الحرارة ما تفقد منها و يستمر في إمدادها بمقدار معين فيحرق و لا ينقص فيجمد . والقمر الذي سخره الله لنا لحساب الزمن وجعله منيراً في الليل وما يستتبع هذا من فائدة للكائنات الحية ، ألا يدل على وجود إرادة إلهية خالقة 
و جود التصميم في الطبيعة
هذه السماء تحميه من بلايين النجوم المشتعلة و الكواكب السيارة التي يحفظها قانون الجاذبية من إن تتصادم أو يرتطم بعضها بكوكب السيارة التي يحفظها قانون الجاذبية من إن تتصادم أو يرتطم بعضها بكوكبنا الأرضي الذي نعيش عليه فتنسفه ، هذه الكرة الأرضية التي نعيش عليها و ما فيها من نبات و حيوان سهول وجبال وبحار كل ذلك يسير منفعة الإنسان إن ذلك من البراهين القوية على وجود قدرة إلهية حكيمة و على بطلان مزاعم الماديين بأن الكون وجد اتفاقاً وصدفة .
يقول العلامة أ.كريسي موريسون " إن استعراض عجائب الطبيعة ليدل دلالة قاطعة على أن هناك تصميماً وقصداً في كل شيء، و ثمة برنامجاً ينفذ بحذافيره طبقاً لمشيئة الخالة جل و عز "13 و يقول : إن حجم الكرة الأرضية ، و بعدها عن الأرض ، وبعدها عن الشمس ، و درجة حرارة الشمس أشعتها الباعثة للحياة ، و سمك قشرة الأرض و كمية الماء ، و مقدار ثاني أكسيد الكربون ، وحجم النتروجين ، و ظهور الإنسان و بقاء الحياة كل أولاء تدل على خروج النظام من الفوضى وعلى التصميم والقصد 14إت هذا التصميم و القصد هو الذي لفت القرآن إليه الأنظار في آيات كثيرة نذكر منها قوله تعالى (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (البقرة:164) .
فالأرض كرة معلقة في الفضاء تدور حول نفسها فيكون في ذلك تابع الليل و النهار وبالتالي فإن دوران الأرض له تأثير على تحركات الرياح ، والرياح تنقل بخار الماء من المحيطات إلى مسافات بعيدة داخل القارات حيث يمكن أن يتكاثف ويتحول إلى مطر ، و المطر مصدر الماء العذب ولولاه لأصبحت الأرض جرداء خالية من كل أثر للحياة .
هذا مع العلم ما وضعه الله من العناصر التي يمتصها النبات و يتمثلها و يحولها إلى أنواع مختلفة من الغذاء يفتقر إليها الحيوان .
هذه حقائق علمية عن سر الحياة على هذه لأرض فصلته الآية القرآنية و بينت وجوده التصميم في الطبيعة والعلاقة المنتظمة بين عناصرها كافة و هي دلائل واضحة على وجوده سبحانه وتعالى عن طريق العقل كما هو مطلوب في آخر الآية : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (البقرة:164) .
 وجاء في القرآن وصف قدرته سبحانه و تعالى : (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الرعد:3)
فالرواسي في هذه الآية هي الجبال التي يحسبها الجاهل  فضلة في الأرض لا حاجة إليها و لكنها ذات فائدة عظيمة إذ ينزل عليها الثلج فيبقي في ثناياها حافظاً لشرت الناس يذوب بالتدريج فتسيل منه الأنهار ، ومن الماء تخرج أصناف متنوعة من الثمرات تتوقف حياتها على اختلاف الليل و النهار بهذا الطول المعروف الآن ، فلو كان نهارنا أطول مما هما الآن عشر مرات لأحرقت شمس الصيف نباتاتنا نهاراً، و لتجمد ليلاً كل نبت في الأرض.
هذه هي الحقائق التي ذكرتها الآية القرآنية و التي تبين وجود التصميم في الطبيعة ووجود إرادة حكيمة وهي إرادة حكيمة و هي إرادة الله سبحانه و تعالى .
و من الدلائل على وجود الله في القرآن : ومن آياته يريكم البرق خوفاً و طمعا ًوينزل من السماء ماء  فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون  الروم : 24.ما هي العلاقة التي تربط بين البرق و نزول المطر إلى الأرض و أحيائها ؟
و هل حياة الأرض ترتكز على الماء فقط  ؟ لا ..فهناك عنصر أساسي لنمو النباتات و هو غاز النتروجين الذي بدونه في شكل ما لا يمكن أن ينمو أي نبات من النباتات الغذائية .
و هناك وسيلتان يدخل بهما النتروجين في التربة الزراعية :أحدهما عن طريق عواصف الرعد ، فكلما أومض البرق وحّد قدر قليل من الأوكسجين و النتروجين فيسقطهما المطر إلى الأرض كنتروجين مركب 15، وحين يتحلل النبات يبقى بعض هذا النتروجين المركب في الأرض .
فذكر البرق في القرآن السابقة و التعقيب على ذكره بنزول المطر و أحياء الأرض هي حقائق علمّية أشار إليها القرآن قبل أربعة عشر قرناً، و هي آية كبرى على وجود التصميم في الطبيعة الذي هو من صنع الله تعالى .

الخلايا الحية آية على وجود الله
جاء في القرآن:(إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (الأنعام:95)
 و جاء أيضاً : (إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (التوبة:116)
إذا كان لكل مادة وحدة أساسية هي وحدة تركيبها، فالكائنات الحية ـ من ابسط أنواعها إلى اعقد مخلوقاتها ـ تتكون من وحدات أساسية هي الخلايا.
فالخلايا هي الوحدة المتناهية في الصغر التي تحتوي على مادة الحياة ،و بها القدرة على توزيع هذه الحياة على كل كائن حي كبير أكان أو صغيراً.
و تؤدي كل خلية وظائفها الحيوية العديدة بدرجة من الدقة يتضاءل بجانبها أقصى ما وصل إليه الإنسان من مهارة في صناعة الساعات الدقيقة ،وهي التي يطلق عليها اسم    ( البرتوابلازم ) .
يقول الدكتور وليم سيفرتيز في تعريفها :( إن المادة الحية المعروفة اسم (البرتوابلازم )هي خليط معقد جداً من الماء و الأملاح والسكريات و الدهون و البر وتينات . وفي هذه المادة الحية غير المتجانسة تحدث تلك العمليات التي تؤلف في مجموعها الحياة .           )
و تتألف كل النباتات و الحيوانات من البروتولازم . و بروتوبلازم النباتات و الحيوانات واحدة تقريبا ًو لكنه ليس نفس الشيء تماماً. و هذه الفروق أساسية و حيوية ، و إلا لما نمت بيضة الضفدعة فصارت ضفدعة ، و لما نمت بذرة البلوط فاستحالت شجرة بلوط .
وهذه الفروق كلية و لكنها مخيفة عنا عمن ابرز الحقائق في علم الحياة إن كل أنواع      (البروتوبلازم)مهما كان مصدرها خافية تبدو متشابهة إلى حد كبير و تشبه بياض البيضة و فيه نقط دقيقة منتشرة17 .
و يقول رسل شارلز ارتست18 :إنني اعتقد إن كل خلية من الخلايا الحية قد بلغت من التعقيد درجة يصعب علينا فهمها، و إن ملايين الملايين من الخلايا الحية الموجودة على سطح الأرض تشهد بقدرة الله شهادة تقوم على الفكر و المنطق ولذلك فإنني أومن بوجود الله إيمان ًراسخاً.


خلق النبات آية على وجود الله
من الأدلة على وجود الله ما تنبت الأرض من النبات و الحبوب والفواكه ، قال تعالى : (و هو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضراً نخرج منه حباً متراكباً ومن النخل من طلعها قنوان دانية و جنات من أعناب و الزيتون والرمان مشتبهاً وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر و ينعه  إن لآيات لقوم يؤمنون) الأنعام :99.
تأمل قوله تعالى في هذه الآية : فأخرجنا منه  خضراً نخرج منه حباً متراكباً أي إن الله يخرج الحبّ من النبات الأخضر و هذا ما أدركه العلم من أن النبات ينتج المواد الغذائية بواسطة خلايا الورقة الخضراء ، إن أحسن معمل لدى الإنسان لا يقارن بنشاط ذلك المعمل الموجد في الورقة الخضراء فتأمل سر تعبير القرآن الدقيق .
و يبن القرآن اختلاف النبات في الطعم رغم اتحاد التربة و الماء : (وفي الأرض قطعٌ متجاورات وجنّات من أعنابٍ وزرعٌ و نخيل ٌصنوانٌ و غير صنوان يسقى بماء واحد و نفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقومٍ يعقلون ) الرعد :21 .
و يلفت القرآن النظر إلى اختلاف لون الأرض : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (الزمر:21)
و يجعل القرآن من انقسام أعضاء النبات إلى تذكير و تأنيث من الآيات الدالة على وجود الله ، فبعض النباتات تلقح نفسها بنفسها ،و يعضها يأتيها اللقاح بواسطة الهواء و الحشرات من نبتة أخرى ، و لهذا يقول تعالى:( أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوجٍ كريم إنّ في ذلك لآية و ما كان أكثرهم مؤمنين)  الشعراء :7،8.
يتساءل الدكتور لسترجون زمران19 عن كيفية نمو النبات فيقول : "لا يكفي أن يكون هنالك ضوء و مواد كيماوية وماء و هواء لكي ينموا النبات ، إن هنالك قوة داخل البذرة تنبثق في الظروف المناسبة فتؤدي إلى قيام كثير من التفاعلات المتشابهة المعقدة و التي تعمل معاً في توافق عجيب . و البذرة التي بدأت من اتحاد خليتين مجهريتين تتألف كل منهما من عدد كبير من العناصر و العمليات ، تكوّن تكون فردا ًجديدا ًيشق طريقه في الحياة و يكون مشابهاً للنبات الذي أنتجه بحيث لا تنتج حبة القمح إلا قمحاً و لا بذرة البلوط إلا شجرة البلوط . ورغم ما بين أنواع النبات من تشابه تجد لكل صفاته و خواصه المميزة ".
 وبينما تختلف النباتات الراقية اختلافات فردية بعضها عن بعض ، نجد لها بعض الصفات العامة التي تشترك فيها جميعاً ، فكلها مثلاً تقوم بعملية التمثيل الضوئي الذي ينتج فيه النبات المواد الغذائية من ثاني أكسيد الكربون و الماء في وجود الضوء ،وهنالك التشابه في تركيب البذرة والسيقان والأوراق و الأزهار و ما يؤدي كل منها من الوظائف المتماثلة في النباتات المختلفة .و هناك الاستجابة الموحدة للمؤثرات الخارجية ، فكلها تنتحي نحو الضوء تموت عندما تحرم من الضوء أو الأوكسجين ، إلى غير ذلك من الصفات العديدة التي تشترك فيها جميع النباتات .
فمن الذي قدّر و أوجد تلك القوانين العديدة التي تتحكم في وراثة الصفات و في النبات ؟ وسوف يقودنا هذا السؤال إلى سؤال آخر أشد تعقيداً و أكبر عمقاً ، وهو:  منأين جاء النبات الأولى ؟ أو بعبارة أخرى كيف خلق النبات الأولي ؟
و نحن لا نستطيع أن نصل بعقلنا الطبيعي ومنطقنا السليم إلى أن هذه الأشياء قد أنشأت نفسها أو نشأت هكذا بمحض المصادفة ، و لابد لنا من البحث عن خالق مبدع ، ويعتبر التسليم بوجود الخالق أمراً بديهياً تفرضه عقولنا علينا20 .


وحدات الوراثة آية على وجود الله
من المعلوم انه لكي تتكون حياة جديدة لإنسان ما ، لابد من اندماج خليتين متميزتين : أحدهما من الذكر و الأخرى من الأنثى ، وهذه الناحية وجّه الله الأنظار إليها بقوله :قتل الإنسان ما أكفره . من أي شيء خلقه .من نطفة خلقه فقدره . عبس :17 ،19 .
يقول العلامة أ. كرسي مورسون عن وحدات الوراثة الموجودة في نوات خلية كل ذكر وأنثى مستدلاً بذلك على وجود الله : و تبلغ الجنات وحدات الوراثة من الدقة أنها ـ وهي المسئولة عن المخلوقات البشرية جميعاً التي على سطح الأرض من حيث خصائصها الفردية وأحوالها النفسية وألوانها وأجناسها ـ لو جمعت كلها ووضعت في مكان واحد ،  لكان حجمها أقل من حجم الكشتبان و الكشتبان الذي يسع الصفات الفردية لبليونين من البشر هو بلا ريب مكان صغير الحجم و مع ذلك فان هذه الحقيقة التي لا جدل فيها ..فهي التي تحبس كل الصفات المتوارثة العادية لجمع من الأسلاف وتحتفظ بنفسية كل فرد منهم في تلك المساحة الضئيلة21 ..
و إن مسألة توارث الصفات اللونية و الجنسية لهي من الأمور التي استدل بها القرآن على وجود الله ـ قال تعالى : و من آياته خلف السماوات و الأرض و اختلاف ألسنتكم و ألوانكم إن في ذلك لآياتٍ للعالمين  الروم :22.

خلق الإنسان آية على وجود الله
ومن الدلائل على وجود الإنسان . قال الله تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) (الروم:20) . و قال أيضاً : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ) (المؤمنون:78)
 ما الدلائل على وجود الله في الأنفس فهي أكثر من أن تحصى ،  و كلما اتسع نطاق العلم تضافرت الأدلة على أن لهذا الإنسان البديع الصنع إلها ًحكيماً   .
أي ناحية من نواحي الإنسان ليست مثار دهشة و عجب ؟
أليس أطواره في الرحم آية من آيات الله ؟
أليس نظام طعامه وشرابه و تحليل الطعام إلى عناصر مختلفة بموازين يذهب كل عنصر الى حيث يؤدي وظيفته عدا العنصر الذي لا يفيد فيطرد إلى الخارج ،أليس هذا كله آية من آياته؟
أليس نظام توزيع الدم من مكانه الرئيسي وهو القلب إلى جميع أنحاء الجسم بواسطة الشرايين التي لا يحصي عددها إلا الله ، ثم عودته إلى القلب بواسطة الأوردة ،و مرور الهواء الجديد الذي جلبه التنفس ليصلح الدم بعد الفساد فيفيد منه الجسم ، أليس ذلك آية من آياته ؟ دع سمع الإنسان و بصره و نطقه و إحساسه ، بل دع ما يعرض له من تذكر ونسيان و حزن و سرور و علم و جهل و محبة و بغض فإنها آيات كبرى على وجود الله الخالق .

خلق الذكر بجانب الأنثى آية على وجود الله
و من الدلائل على وجود الله خلق الأنثى بجانب الذكر ، قال تعالى : (مِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21)
 فوجود الأنثى بجانب الذكر لأجل النسل ، ودوام بقاء الحياة للنوع الإنساني من البراهين القوية على وجود الله و على وجود القصد  في هذا الكون ، و هذا يدحض الزعم القائل بقيام الكون على المادة دون سواها .
و قد كتب الأستاذ مونيه  بحثاً في مجلة الوسموس الفرنسية أثبت فيه وجود الخالق فقال  إذا افترضنا بطريقة تعلوا عن متناول العقل إن الكون خلق اتفاقاً بلا فاعل مريد مختار، و إن الاتفاقات المتكررة توصلت إلى تكوين رجل ، فهل يعقل أن الاتفاقات و المصادفات تكوّن كائنا ًآخر مماثل اًله تماما ًفي الشكل الظاهري و مبايناً له في التركيب الداخلي و هو المرأة بقصد عمارة الأرض بالناس و إدامة النسل فيها ؟ أل يدل هذا على أن في الوجود خالقاً مريداً مختاراً أبدع الكائنات ، وغرز  في كل نوع غرائز ، و معه بمواهب يقوم بها أمره و يرقى عليها نوعه 22؟ .

توالد الإنسان و الحيوان آية على وجود الله
و من الدلائل على وجود الله التوالد المستمر في الإنسان و الحيوان ،جاء في القرآن : (َاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) (النحل:72)
 ويلفت القرآن النظر إلى توالد الإبل : أفلا ينظر إلى الإبل كيف خلقت الغاشية : 17.
يقول العلامة أ. موريسون : إن الحياة ترغم على التناسل ، لكي يبقى النوع ،وهو دافع من القوة إن كل مخلوق يبذل أقصى تضحية في سبيل هذا الغرض ... و هذه القوة الإلزامية لا توجد حيث لا توجد الحياة . فمن أين ينشأ هذه الدوافع القاهرة ؟ولماذا ، بعد أن نشأت ، تستمر ملايين السنين؟ انه قانون الطبيعة الحية .... الذي يأتي من إرادة الخالق23 .
وقد ضرب العالم بالي  مثلاً من تأثره في ذلك بساعة يده ، ولفت النظر بأن مثل هذه الأداة تثبت لأداة لأكثر الناس شكاً بساعة أن هناك عملية ذهنية طبقت على الميكانيكا ، ثم قال : إننا لو فرضنا أن هذه الساعة قد منحت القدرة على إيجاد ساعات أخرى فان ذلك لا يكون معجزة توالد الإنسان و الحيوان .

خلق الحيوان و الزواحف و الطير آية على وجود الله
ومن الدلائل على وجود الله خلق الحيوان والزواحف . قال تعالى : و الله خلق كل دابة من ماء ، فمنهم من يمشي على بطنه ، و منهم من يمشي على رجلين،و منهم من يمشي على أربع ، يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير  النور : 45 .
و الطير من الدلائل على وجود الله . قال تعالى : (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (النحل:79)

و الدلائل على وجود الله في الحيوانات و الطير لا تحصى ، و يحتاج تفصيلها إلى مجلدات ، و قد تكفل بذلك علم الحيوان. وقد قرأنا بحثاً للفيلسوف نيوتن يستدل فيه على وجود الخالق يقول فيه : كيف تكونت أجسام الحيوانات بهذه الصناعة البديعة ؟ و لأي المقاصد وضعت أجزاؤها المختلفة ؟ هل يعقل أن تصنع العين المبصرة  بدون علم بأصول الأبصار و نواميسه ، و الأذن بدون إلمام بقوانين الصوت؟..
 كيف يحدث أن حركات الحيوانات تتجدد بإرادتها ؟ ومن أين جاء هذا الإلهام الفطري في نفوس الحيوانات ؟ إلى إن قال: و هذه الكائنات كلها في قيامها على الأشكال و أكملها ألا تدل على وجود إله منزه عن الجسمانية حي حكيم موجود في كل مكان يرى حقيقة كل شيء و يدركه ؟.

الإيمان بالله فطرة في النفس الإنسانية
إن الدراسات الدينية الحديثة كشفت عن أمور كثيرة جديرة بإمعان النظر وهي : أن التدين صفة عامة لجميع البشر قديمهم وحديثهم ، فلم يعثر على أمة لا دين لها .
 و قد ذهب الكثير من العلماء إلى أن فكرة الله أو الدين على العموم إنما هي فكرة فطرية وجدت في عقل الإنسان ، و لكن أوجدها فينا موجد أعلى وهو الله سبحانه .
 و أبرز العلماء الذين اعتنقوا الفكرة الفطرية هو العلامة الاسكتلندي اندريه لنج ، و تتلخص آراؤه فيها يلي :
أولاً : كل إنسان يحمل في يفيه فكرة العلية و إن هذه الفكرة كافية لتكوين العقيدة : إن ثمة آلهة صانعة و خالقة للكون، و إن كل إنسان لديه فكرة عن صنع الأشياء ، انه يعتقد في وجود صانع يفعلها ولا يستطيع هو أن يفعلها .
ثانياً: إننا نجد لدى القدماء و المتوحشين الاعتقاد في أب ، في سيد ، في خالق .
ثالثاً : وجد العنصر الديني عند البدائيين في حالة من الطهر و النقاء  الكاملين ، ثم تلا هذا ظهور العنصر الأسطوري .
غير أن نظرية لنج هذه بقيت في مجموعها غير مسلم بها حتى ظهور المنهج التاريخي في الأجناس ، و قد وافق هذا المنهج على كثير من النتائج التي انتهى إليها لنج ، و أهم الأبحاث التي تثبت فكرة لنج هي أبحاث الأستاذ ليوبرلد فون شرودر الأستاذ بجامعة فيينا عن الهند الأوربية ، و قد توصل هذا الباحث إلى وجود فكرة الإله الأسمى عند الآليين ،واعتبر أساس الدين عندهم ثلاثة أصول : عبادة الطبيعة ، وعبادة الموتى ، و الاعتقاد في إله أعلى خيّر وخالق ، و لكنه لم يبين أي هؤلاء الثلاثة أقدم في الوجود . وقد ذكر في أحد المواضيع أن الأمر يحتاج إلى مزيد بحث  .
وفي ذلك الوقت نشر الدكتور كروبر أبحاثاً معددة عن هنود كليفورنيا ، أثبت فيها إن تلك القبائل هي أقدم القبائل في أمريكا الشمالية ويبدو بوضوح من دراسته انه عثر على إله خير سام . بل إنه جزم بأن هؤلاء الهنود عرفوا الخالق بواسطة موجود سام ، بيده كل القوى وتنسب إليه كل القدر .
و قد أثبت شمت ـ عالم الأجناس ـ أن أقزام أفريقيا و هم أقدم الأجناس البشرية يؤمنون بوجود إله سام ، كما توصل إلى وجود فكرة الوحدانية عند معظم القبائل الزنجية وعند كثير من القبائل الأسترالية الجنوبية الشرقية و القبائل الهندية الأميركية الشمالية .أما عند غير تلك القبائل فقد ظهر إله سام موحد ، ثم تقدمت تلك القبائل و انتقلت إلى أطوار أخرى من الثقافة فساد الفكرة الديني تعقدت و تشابك أنتج فكرة تعدد الإله الواحد . و قد أنتج أيضاً فكرة موجودات عليا بجانب هذا الموجود الواحد الأسمى23 ...
وقد أدعى رينان RENAN أن الساميين موحدون بطبعهم ، وقد أقام رينان نظريته هذه من دراسة للآلهة التي عبدها الساميون ، ومن وجود أصل كلمة ايل في لهجتهم ، فادعى إن الشعوب السامية كانت تتعبد لإله واحد هو ايل في لهجاتهم ، فادعى أن الشعوب السامية كانت تتعبد لإله واحد هو ايل  الذي تحرف اسمه بين هذه اللهجات فصار يهو و يهوه و الوهيم  عند العبريين و اللات و الله و اله عند العرب و الأصل عند الجميع هو الإله ايل .
و يقول  الدكتور بول كليرانس ايوسولد أستاذ الطبيعة الحيوية : و لا شك أن اتجاه الإنسان و تطلعه إلى البحث عن عقل أكبر من عقله و تدبير أحكم من تدبيره و أوسع لكي يستعين به على تفسير هذا الكون يعد في ذاته دليلاً على وجود قوة أكبر و تدبير أعظم ، هي قوة الله و تدبيره وقد لا يستطيع الإنسان أن يسلم بوجود الخالق تسليماً على أساس الأدلة العلمية المادية وحدها.و لكننا يصل إلى الإيمان الكامل بالله عندما نمزج بين الأدلة العلمية و الأدلة الروحية ، أي عندما ندمج معلوماتنا عن هذا الكون المتسع إلى أقصى حدود الاتساع ، المعقد إلى أقصى حدود التعقيد مع إحساسنا الداخلي و الاستجابة إلى نداء العاطفة و الروح الذي ينبعث من أعماق نفوسنا. ولو ذهبنا نحصي الأسباب و الدوافع الداخلية التي تدعو ملايين الأذكياء من البشر إلى الإيمان بالله لوجدناها متنوعة لا يحصيها حصر ولا عد ، و لكمها قوية في دلالتها على وجوده تعالى ، مؤدية إلى الإيمان به 24.
إن من الآيات التي تبهر الألباب في الإسلام انه سبق العلم في هذه الناحية بنحو ثلاثة عشر قرناً   قرّر القرآن هذه الحقيقة بقوله  :(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (الروم:30) .
فالقرآن يقرر بأن الدين فطرة في الإنسان فطر الله الناس عليها ، و أن أساسه الاعتقاد بخالق الكون ، و انه واحد لا شريك له ، فإذا انفرد المرء بنفسه حكم بأنه مخلوق لإله قادر حكيم و أنعم عليه .لاحظ قوله تعالى حنيفا أي موحداً لله ، ثم انظر كيف ختم الله الآية بقوله : و لكن أكثر الناس لا يعلمون  ، وهذا القول حق ، فإنه لا يعلم  إن الدين فطرة النفس إلا أفراد ممن وقفوا أنفسهم على الأبحاث العلمية في منشأة الدين وأثره في النفس .
 لاجرم إن هذا الأمر معجزة علمية للقرآن و قد زاد النبي هذا المعنى تأكيداً فيما يرويه عن ربه : (كل عبادي خلقت حنفاء فاجتالتهم25 الشياطين عن دينهم و أمروهم أن يشركوا بي غيري ).
و يقول النبي في هذا المعنى أيضاً ( كل مولود يولد على الفطرة وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) أي كل مولود على ما قرره الإسلام من التوحيد الخالص الذي لا تشوبه شائبة من الإشراك و إنما البيئة و العائلة ـ و فيما الأبوان ـ هما اللتان تحولان فطرته عن الحقيقة التي اطبع عليها نفسه .
و الدعاء الذي يدعو به الإنسان خالقه ـ عند اشتداد المحن ـ يظهر بأن الدين فطرة في الإنسان .
و القرآن أعلن هذه الحقيقة في كثير من آياته مثل قوله تعالى : (وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) (الروم:33)
(و إذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين) لقمان : 32
 فالنفس تدرك وجود الله بفطرتها وترجع إليه في الشدائد تستمد منه العون وتطلب منه النجدة.
مما تقدم يتبين لنا إن الدراسات الدينية الحديثة أثبتت ما قرّره القرآن من أن وجود الله فطرة في النفس الإنسانية ، و إذا نظرنا إلى الزمن الذي نزل فيه القرآن رأينا الناس في ذلك الوقت لا يعرفون شيئاً من أسرار الفطرة الدينية ، ألا يدل ذلك على أن القرآن من عند الله و على صدق نبوة محمد صلى الله عليه و سلم  ؟.


العـلـم يدعـو إلـى الإيمـان
يظن بعض الناس الذين لم يدركوا من العلم إلا قليلاً إن الكفر من ضروريات العلم و إن أكثر الناس علماً هم أشدهم إلحادا .
والحقيقة أن العلم لا يؤدي بصاحبه إلى الإلحاد في أي عهد من العهود ، فأن العالم المنقب عن الحقائق يجد نفسه في هذا الوجود في عالم لا حدّ له
يسود مجموعه نظام محكم لا تشوبه شائبة من الفوضى ، لا بعد تأمله أن يخر ّساجدا ّللقدرة الإلهية التي أوجدت هذا الكون العظيم .
فقد نشر الدكتور دينرت الالماني بحثاً حلل فيه الآراء الفلسفية لأكابر العلماء الذين أناروا العقول في القرون الأربعة الأخيرة ، و توخى أن يدقق في تعرف عقائدهم فتبين له من دراسة 290منهم
 28 منهم لم يصلوا إلى عقيدة ما .
242 أعلنوا على رؤوس الأشهاد الإيمان بالله .
و 20 فقط على انهم غير مبالين بالوجهة الدينية أو ملاحدة .
فإذ اعتبرنا غير المبالين كلهم من الملحدة ، وجدنا أن 92 في المائة من كبار العلماء يعتقدون بوجود الله تعالى .
فهذه النسبة الكبيرة تدل دلالة صريحة على  إن التناقض بين الإيمان والعلم الذي يزعم الماديون أنه وصف مميز للعلماء ليس له أصل ، و تشير أيضاً إلى أن الإيمان يتكاملان و لا يتنافيان .
فالدكتور ليون ووتي الذي أخذنا عنه هذا الإحصاء : إن العلامة الكبير باستور هو أكبر عقل ظهر في القرن الماضي كتب يقول : الإيمان لا يمنع أي ارتقاء كان ، و لو كانت علمت أكثر مما أعلم اليوم ، لكان إيماني بالله أشد و أعمق مما هو عليه الآن  ثم عقب هذا بقوله : إن العلم الصحيح لا يمكن أن يكون مادياً و لكنه على خلاف ذلك يؤدي إلى زيادة العلم بالله ،لأنه يدل بواسطة تحليل الكون على مهارة و تبصرّ، وكمال عقل الحكمة التي خلقت الناموس المدبّرة للوجود ، كمالاً لا حدَّ له  .أما الدكتور وتز الكيميائي وعضو أكاديمية العلوم وعميد كلية الطب الباريزية يقول :إذا أحسستُ في حِينٍ من الأحيان أن عقيدتي بالله قد تزعزعت وجهت وجهي إلى أكاديمية العلوم لتثبيتها .
و قال الفلكي الكبير فاي العضو بأكاديمية العلوم في مؤلفه أصل العلوم :من الخطأ أن يؤدي إلى الكفر ، ولا إلى المادية ،و لا يفضي إلى التشكيك .
و قال العلامة و  المؤرخ الطبيعي فابر : كل عهد له أهواء جنونية. فإني اعتبر الكفر بالله من الأهواء الجنونية و هو مرض العهد الحالي،وأيسر عندي أن ينزعوا جلدي من أن ينزعوا مني العقيدة بالله .
هذه آراء بعض أقطاب الطبيعي اخترناها من كثير مما ذكره ليون ووتي 27 .
و قد سُئل الدكتور أندروكونواي ايفي28 من أحد رجال الأعمال هذا السؤال :سمعت إن معظم المشتغلين بالعلوم ملحدون .فهل هذا صحيح؟ .
فأجابه قائلاً :
إنني لا أعتقد أن هذا القول صحيح . بل إنني ـ على نقيض ذلك ـ وجدت في قراءتي و مناقشاتي أن معظم من اشتغلوا في ميدان العلوم من العباقرة لم يكونوا ملحدين ، و لكن الناس أساءوا نقل أحاديثهم أو أساءوا فهمهم ثم استطرد قائلاً :إن الإلحاد ،أو الإلحاد المادي ، يتعارض مع الطريقة التي لا يمكن أن توجد آلة دون صانع .وهو يستخدم العقل على أساس الحقائق المعروفة و يدخل إلى معمله يحدوه الأمل و يمتلىء قلبه بالإيمان ،و معظم رجال العلوم يقومون بأعمالهم حباً في المعرفة وفي الناس وفي الله .و نقل عن الدكتورالبرت ماكوت ومشتر قوله :
... إن اشتغالي بالعلوم قد دعم إيماني بالله حتى صار أشد قوة وامتن أساسا ًمما كان عليه من قبل . ليس من شك أن العلوم تزيد الإنسان تبصرا بقدرة الله وجلاله ،و كلما اكتشف الإنسان جديداً في دائرة بحثه و دراسته ازداد أيمانا بالله .وننقل عن اللورد كلفن* قوله إذا فكرت تفكيرا عميقاً فإن العلوم سوف تضطرك إلى الاعتقاد في وجود الله29 .
ويقول العالم المشهور أيشتين :إن الإيمان هو أقوى و أنبل نتائج البحوث العلمية 30.
و نختم هذه الأقوال بما قاله الفيلسوف الإنجليزي فرانسس بيكون :إن قليلاً من الفلسفة يقرب الإنسان من الإلحاد .أما التعمق في الفلسفة فيرده إلى الدين .
فترى من أقوال هؤلاء العلماء أن العلوم هي سبب إيمانهم بالله تعالى .
و مما يسجّل للقرآن أنه سبق أن قرّر هذه الحقيقة منذ ثلاثة عشر قرناً ،وفقد حصر خشية اله على وجهها الأكمل في العلماء . قال الله تعالى :
(وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (فاطر:28)
لأن العلماء بما أُوتوا من صفات النظر العميق و التحقيق الدقيق يقفون على أسرار الإبداع الإلهي في الوجود ونواحي الإعجازية فيه مما لا يظهر لعيرهم .
كما أن القرآن اعتد بشهادة العلماء ،قال الله تعالى :
(شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (آل عمران:18)
فالعلم أقام ـ في كتاب الكون ـ البرهان على وجود الله ،والقرآن سبق إلى الأدلة جاء بها العلم، فاتحد البرهان على وجود الله برهان القرآن الكريم ،و برهان كتاب الكون .

منـاقـشـة المـاديّيـن
الماديون لا يعتقدون أن للوجود خالقاً بل يقولون بأن كل ما في الوجود أزلي صادر عن المادة ، و النواميس الطبيعية نشأت على سبيل الصدف و الاتفاق و بلغت من الكمال و الارتقاء عن طريق التطورات المتعاقبة ،و قد سرت تعاليم المادة إلى بعض الناس فألحدوا فتصدى كثير من العلماء للرد على هؤلاء و بيان فساد مزاعم ، و إليك بعضاً من أقوالهم :

بطلان نظرية المصادفة
يقول الدكتور ارفنج وليم31 : إنني اعتقد في وجود الله سبحانه لأني لا أستطيع أن أتصور أن المصادفة وحدها تستطيع أن تفسير لنا ظهور الإلكترونات و البروتونات الأولى ، أو الذرات الأولى ، أو الأحماض الأمينية الأولى ، أو البروتوبلازم الأول ، أو البذرة الأولى، أو العقل الأول ، إنني اعتقد في وجود الله ، لأن وجود الله هو التفسير المنطقي الوحيد لكل ما يحيط بنا من ظواهر هذا الكون التي نشاهدها32 .
و يقول الدكتور وأين اولت33 : أما النظريات التي ترمي إلى تفسير الكون تفسيراً آلياً فإنها تعجز عن تفسير كيف بدأ الكون ، ثم  ترجع ما حدث من الظواهر التالية للنشأة الأولى إلى محض المصادفة ، فالمصادفة هنا فكرة يستعاض بها عن فكرة وجود الله بقصد إكمال الصورة و البعد بها عن التشويه و لكن حتى بغض النزر عن الاعتبارات الدينية عامة ،نجد أن فكرة وجود الله أقرب إلى العقل و المنطق من فكرة الصدفة و لا شك بل إن ذلك النظام البديع الذي يسود الكون يدل دلالة حتمية على وجود إله منظم و ليس على وجود مصادفة عمياء تخبط خبط عشواء34 .
و يتساءل العلامة أ.كريسي مورسون35 عن سر الحياة و هل  هي من صنع المادة :إن المتفق عليه ما هو البيئة وحدها و لا المادة كانت ملائمة  للحياة و لا أي اتفاق في الظروف الكيميائية و الطبيعية قد تخلقه المصادفة يمكنها أن تأتي بالحياة إلي الوجود ، و يقول : فالحياة هي المصدر الوحيد للوعي و الشعور ، و هي وحدها التي ندرك صنع الله ، و يبهرنا جماله، و إن كانت أعيينا لا تزال فوقها غشاوة36 .
فنظرية المصادفة لا تقوم على دليل علمي مقبول ، و لا يقبلها أي عقل سليم ،و لهذا نرى القرآن يخاطب هؤلاء المتشككين بأسلوب إقناعي يبين فيه إن الكون لابد من مسبب و هو الله سبحانه .
(قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ) (ابراهيم:10)
أي أفي وجود الله و ألوهيته وحده شك ؟ و هو خالق السموات و الأرض .
و يلفت القرآن إلى الحكمة المتمثلة في خلق المخلوقات و التي تدل على خالق في نهاية العلم و الحكمة : صنع الله الذي أتقن كل شيء ، و جاء في القرآن في وصف الله  الذي أحسن كل شيء خلقه  السجدة :7.فالمصادفة لا تخلق وجوداً فيه علم و حكمة و إتقان صنع .


للـكـون بـدايــة
ويرد الدكتور ادورد لوثر كسيل37 على الماديين الذين قالوا بأزلية الكون فيقول : فالعلوم تثبت بكل ّوضوح إن هذا الكون لا يمكن أن يكون أزلياً فهناك انتقال حراري مستمر من الأجسام الحارة إلى الأجسام الباردة ،و لا يمكن أن يحدث العكس بقوة ذاتية بحيث تعود الحرارة فترتد من الأجسام الباردة إلى الأجسام الحارة . و معنى ذلك أن الكون يتجه إلى درجة تتساوى فيها حرارة جميع الأجسام ، و ينصت فيها معين الطاقة .
و يومئذ لن تكون هناك عمليات كيماوية ، أو و لن يكون هناك أثر للحياة نفيها في هذا الكون.
ولما كانت الحياة لا تزال العمليات الكمياوية و الطبيعة تسير في طريقها ، فإننا نستطيع أن نستنتج أن هذا الكون لا يمكن أن يكون أزلياً ، و إلا لاستهلكت طاقته منذ زمن بعيد و توقف كل نشاط في الوجد ، و هذا توصلت العلوم ـ دون قصد ـ إلى أن لهذا الكون بداية . و هي بذلك مبدىء ، أو من محرك أول ، أو من خالق ، و هو الإله38
و إذا نظرنا إلى القرآن الكريم نراه يصرّح بأن للكون بداية ، و أن ذلك من صنع الله في قوله تعالى :
(أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (العنكبوت:19)
 و يصرح القرآن بأن الكون صائر إلى نهاية ، و هو يوم القيامة ، و فيه تنعدم الطاقة و يخبو نور الشمس :
(لشمس كورت وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) (التكوير:2)
 التكوير : 1، 2 . و بعد ذلك يعيد الله الخلق بصورة أخرى .
 المصدر :هذا البحث هو فصل من كتاب روح الدّين الإسلامي  تأليف عفيف عبد الفتاح طبارة ط : دار العلم للملاي

1 من مراجع هذا البحث كتاب ( الله يتجلى في عصر العلم ) تأليف جون كلوفر مونسما ترجمة الدكتور الدمرداش عبد المجيد سرحان . و كتاب (الإنسان لا يقوم وحده )تأليف كريسي مورسون الرئيس السابق لأكاديمية العلوم بنيويورك ترجمة الأستاذ محمد صالح الفلكي الذي أطلق على الترجمة اسم ( العلم يدعوا إلى الإيمان ) .
2 نقلاً عن دائرة معارف وجدي التي نقلت هذا القول عن كتاب ( التذكرة في تاريخ البرهان على وجود الخالق ) تأليف بوشيت ) .  
3 عن محاضرات في الفلسفة الإسلامية و (الثقافة الفرنسية )
4 عن كتاب ( الشمس ) تأليف جورج جاموا الأستاذ بجامعة واشنطن .
5 من علماء مرصد هارفرد .
6 عن كتاب ( الشمس ) جورج جامو.
7 لا أقسم بمواقع النجوم : لا ، زائدة للتوكيد ، و المعنى أقسم بمواقع النجوم ، و قد أقسم الله في القرآن بكثير من مخلوقاته دلالة على أهمية الشيء المقسم به و التي تدل على وجوده سبحانه .
8 مواقع : جاء في تفسير الألوسي نقلا عن قتادة إن المواقع مقصود بها منازل و مجاري النجوم .
9 عن كتاب (العالم اينشتين ) تأليف لنكولن بارنت ترجمة محمد عاطف البرقوقي ص 116.
10 عضوا الجمعية الأمريكية الطبيعية .
11 عن كتاب (الله يتجلى في عصر العلم) ص 22.
12 عن كتاب ( مع الله في السماء ) للدكتور أحمد زكي .
13 نقلاً عن كتاب (الإنسان لا يقوم وحده ) ص 186 من الترجمة العربية
14 نفس المصدر ص 193.
15 يقدر أحد خبراء الصواعق الدكتور كارل ماكرون إنتاج الصواعق من النتروجين بـ 100مليون طن في أي ما يوازي عشر أضعاف ما تنتجه معامل الأسمدة في العالم .
16 تؤفكون : تصرفون عن عبادته .
17 عن كتاب (العلم يزحف ) تأليف جيمس ستوكلي ترجمة محمد الشحات .
18 أستاذ في جامعة فرنكفورت بألمانيا و عضوا الأكاديمية العلمية بانديانا نقلا عن كتاب الله يتجلى في عصر العلم ص 79من الترجمة  العربية .
19 أستاذ الزراعة و الرياضيات بكلية جوش ، و عضوا الجمعية العلمية لدراسة التربة بأمريكا .
20 من كتاب الله في عصر العلم ص 124 .
21 عن كتاب الإنسان لا يقوم وحده ص 137 الترجمة العربية .
22نقلاً عن دائرة معارف وجدي ( مادة اله ) .
23 نقلاً عن كتاب الإنسان لا يقوم وحده ص 146.
23 اقتبسنا هذه النصوص من كتاب نشأة الدين  تأليف الأستاذ علي سامي النشارة ابتداء من صفحة 181 .
24 عن كتاب الله يتجلى في عصر العلم  ص 8.
25 اجتالتهم : إدارتهم .
26 عن كتاب الإنسان يتجلى في عصر العلم  ص 290 .
27 ترجم هذه النصوص الأستاذ محمد فريدة وجدي و نشرها في مجلة الأزهر مجلد 19.
28 من العلماء البارزين ذوي الشهرة العالمية ، يشغل حاليا ًوظيفة أستاذ قسم الفسيولوجيا و رئس قسم العلوم بكلية الطب بجامعة شيكاغو.
* من علماء الطبيعة البارزين في العالم.
29 عن كتاب الله يتجلى في عصر العلم ص 152.
30 عن كتاب العالم و اينشتين .
31 أستاذ العلوم الطبيعية في جامعة ميشيغان ،و اختصاصي في وراثة النبات و دراسة شكلها الظاهري .
32 عن كتاب الله يتجلى في عصر العلم ص56.
33 عضو الجمعية الجيولوجية الأمريكية .
34 عن كتاب الله يتجلى في عصر العلم ص 133 134 .
35 الرئيس الأسبق لأكاديمية العلوم في نيويورك.
36 عن كتاب الله يتجلى في عصر العلم ص 96.
37 أستاذ علم الأحياء ، و رئيس قسم بجامعة سان فرانسيسكوا .
38 عن كتاب الله يتجلى في عصر العلم ص29.
39 أخصائي ي الإشعاع الشمسي و البصريات الهندسية و الطبيعية .
40 عن كتاب الله يتجلى في عصر العلم ص43.
41 عن كتاب الله يتجلى في عصر العلم ص 31.

مشاركة الموضوع

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More