مكروهات الصوم:
يكره للصائم بوجه عام -مع الخلاف- ما يلي:
أ- ذوق شيء بلا عذر، لما فيه من تعريض الصوم للفساد، ولو كان الصوم
نفلاً، على المذهب عند الحنفية، لأنه يحرم إبطال النفل بعد الشروع فيه،
وظاهر إطلاق الكراهة يفيد أنها تحريمية.
ومن العذر مضغ الطعام للولد، إذا لم تجد الأم منه بُدّاً، فلا بأس به،
ويكره إذا كان لها منه بدُّ.
وليس من العذر، ذوق اللبن والعسل لمعرفة الجيد منه والرديء عند الشراء،
فيكره ذلك. وكذا ذوق الطعام، لينظر اعتداله، ولو كان لصانع
الطعام.
لكن نقل عن الإمام أحمد قوله: أحب إليّ أن يجتنب ذوق الطعام، فإن
فعل فلا بأس به، بل قال بعض الحنابلة: إن المنصوص عنه: أنه لا بأس به لحاجة
ومصلحة، وإلا كره.
وإن وجد طعم المذوق في حلقه أفطر.
ب- ويكره مضغ العلك، الذي لا يتحلل منه أجزاء، فلا يصل منه شيء إلى
الجوف.
ووجه الكراهة: اتهامه بالفطر، سواء أكان رجلاً أم امرأة، قال علي رضي
الله تعالى عنه: إياك وما يسبق إلى العقول إنكاره، وإن كان عندك
اعتذاره.
أما ما يتحلل منه أجزاء، فيحرم مضغه، ولو لم يبتلع ريقه، فإن تفتت فوصل
شيء منه إلى جوفه عمداً أفطر، وإن شك في الوصول لم يفطر.
ج- تكره القبلة إن لم يأمن على نفسه وقوع مفسد من الإنزال أو
الجماع.
د- ويرى جمهور الفقهاء أن المباشرة والمعانقة ودواعي الوطء
-كاللمس وتكرار النظر- حكمها حكم القبلة فيما تقدم.
وخص الحنفية المباشرة الفاحشة، بالكراهة التحريمية، وهي -عندهم- أن يتعانقا، وهما
متجردان، ويمس فرجه فرجها. ونصوا على أن الصحيح أنها تكره، وإن أمن على نفسه
الإنزال والجماع، وكذلك القبلة الفاحشة، وهي: أن يمص شفتها، فيكره على
الإطلاق.
هـ- الحجامة، وهي أيضاً مما يكره للصائم -في الجملة-، وهي استخراج الدم
المحقن من الجسم، مصاً أو شَرْطاً.
ومذهب الجمهور أنها لا تفطر الحاجم ولا المحجوم، ولكنهم كرهوها بوجه
عام.
وقال الحنفية: لا بأس بها، إن أمن الصائم على نفسه الضعف، أما إذا خاف الضعف، فإنها
تكره.
وقال المالكية: إن المريض والصحيح، إذا علمت سلامتهما بالحجامة أو ظنت، جازت الحجامة
لهما، وإن علم أو ظن عدم السلامة لهما حرمت لهما، وفي حالة الشك تكره للمريض، وتجوز
للصحيح.
قالوا: إن محل المنع إذا لم يخش بتأخيرها عليل هلاكاً أو شديد أذى، وإلا
وجب فعلها وإن أدت للفطر، ولا كفارة عليه.
وقال الشافعية: يستحب الاحتراز من الحجامة، من الحاجم والمحجوم، لأنها
تضعفه.
ودليل عدم الإفطار بالحجامة، حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما "أن
النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم" رواه
البخاري.
ودليل كراهة الحجامة حديث ثابت البناني أنه قال لأنس بن مالك: أكنتم
تكرهون الحجامة للصائم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا، إلا من أجل
الضعف" رواه البخاري.
ومذهب الحنابلة: أن الحجامة يفطر بها الحاجم والمحجوم، لحديث رافع بن خديج -رضي الله
عنه-، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفطر الحاجم والمحجوم" رواه
الترمذي.
-
أما الفصد، فقد نص الحنفية علىكراهته، كالحجامة، وكراهة كل عمل
شاق، وكل ما يظن أنه يضعف عن الصوم، وكذلك صرح المالكية والشافعية بأن
الفصادة كالحجامة.
وقال الحنابلة: لا فطر بفصد وشرط، ولا بإخراج دمه برعاف، لأنه لا نص فيه، والقياس لا
يقتضيه.
و- وتكره المبالغة في المضمضة والاستنشاق في
الصوم.
ففي المضمضة: بإيصال الماء إلى رأس الحلق، وفي الاستنشاق: بإيصاله إلى
فوق المارن.
وذلك لحديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
له: "بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً" رواه الترمذي، وذلك خشية فساد
صومه.
0 التعليقات:
إرسال تعليق