سجدة التلاوة:
1-حكم سجدة التلاوة
ذهب الحنفية إلى أن سجدة التلاوة واجبة على السامع والمستمع
والتالي.
وذهب الشافعية إلى أنها سنة على السامع والتالي والمستمع وذهب المالكية
والحنابلة إلى أنها سنه على المستمع التالي.
والمستمع: هو الذي يقصد السماع.
والسامع: هو الذي لا يقصد السماع
- وجوب سجدة التلاوة على التراخي عند الحنفية.
تجب سجدة التلاوة خارج الصلاة على التراخي، في وقت غير معين، إذا كان
التالي أو السامع أهلاً للوجوب،سواء قصد سماع القرآنأو لم يقصد، بشرط كون المسموع
منه آدمياً عاقلاً يقظاناً، ولو جُنُباً أو حائضاً أو نفساء، أو كافراً أو صبياً
مميزاً أو سكران، فلو سمعها من طير كالببغاء أو صدى كآلات التسجيل لا تجب عليه، ولو
سمعها من نائم أو مغمى عليه، أو مجنون أو غير مميز، فالأصح من الروايتين لا تجب
عليه، لعدم صحة التلاوة بفقد التمييز.
أما في الصلاة فتجب وجوباً مضيقاً، لأنها وجبت بما هو من أفعال الصلاة
وهو القراءة، فالتحقت بأفعال الصلاة، وصارت جزءاً منها. فإن أنهى قراءته بآية
السجدة: فإما أن يسجد مستقلاً ثم يعود للقراءة، وإما أن يضمنها في ركوعه أو سجوده،
إن نواها في ركوعه، وسواء نواها أو لم ينوها في سجوده.
وإذا لم ينه قراءته بآية السجدة، وتابع فقرأ بعدها ثلاث آيات فأكثر، وجب
أن يسجد لها سجوداً مستقلاً، غير سجود الصلاة، ويستحب أن يعود للقراءة، فيقرأ ثلاث
آيات فأكثر، ثم يركع، ويتم صلاته.
متابعة الإمام في السجدة وسماعها من غير المصلي: ذهب الحنفية إلى أنه: إذا تلا الإمام آية السجدة، سجدها معه المأموم،
لالتزامه متابعته. وإن تلا المأموم لم يسجد الإمام ولا المأموم، لا في الصلاة ولا
خارجها، لأن المقتدي محجوز عن القراءة لنفاذ تصرف الإمام
عليه.
وإن سمع المصلي وهو في الصلاة آية سجدة من رجل في غير الصلاة لم يسجد
لها في الصلاة، وسجدها بعد الصلاة، فإن سجدها في الصلاة لم تجزه، ولم تفسُد صلاته،
لأن مجرد السجدة لا ينافي إحرام الصلاة.
وذهب الجمهور: يلزم متابعة الإمام في السجدة، فإن سجد الإمام فتخلف
المقتدي، أو سجد المأموم دون إمامه، بطلت صلاته ولا يسجد المصلي لقراءة غيره بحال،
ولا يسجد مأموم لقراءة نفسه، فإن فعل بطلت صلاته، لأنه زاد فيها
سجوداً.
شروط سجود التلاوة:
ذهب الحنفية إلى أنه يشترط لوجوب سجدة التلاوة: أهلية وجوب الصلاة من الإسلام
والعقل والبلوغ، والطهارة من الحيض والنفاس، فلا تجب على الكافر والصبي والمجنون
والحائض والنفساء.
وذهب المالكية إلى أن سجدة التلاوة لا تسن للمستمع إلا إن صلح القارئ للإمامة، بأن
يكون ذكراً بالغاً عاقلاً، وإلا فلا سجود عليه، بل على القارئ
وحده.
وتسن عند الشافعية ولو كان القارئ صبياً مميزاً، والمستمع رجلاً، أو محدثاً، أو كافراً،
ولا تسن لقراءة جنب وسكران، لأنها غير مشروعة لهما.
ويشترط لصحة سجدة التلاوة ما يشترط لصحة الصلاة: من طهارة الحدث (وهي
الوضوء والغسل) وطهارة النجس (وهي طهارة البدن والثوب ومكان السجود والقيام
والقعود)، وستر العورة، واستقبال القبلة والنية. وهذه شروط متفق عليها، واختلفوا
فيما عداها.
ذهب الحنفية إلى أنه: لا يشترط لها التحريمة ونية تعين الوقت، كما لا يشترط
لها السلام كالصلاة، وتجب آية السجدة على خطيب الجمعة والعيدين، وعلى السامعين، لكن
يكره للإمام الإتيان بها فوق المنبر، فينزل ويسجد ويسجد الناس
معه.
وذهب المالكية إلى أنه: لا إحرام فيها ولا تسليم. ويشترط في المستمع شروط
ثلاثة، كما قدمنا:
وذهب الشافعية إلى أنه: يشترط مع النية تكبيرة الإحرام على الصحيح، كما أخرجه
أبو داود، لكن بإسناد ضعيف، وقياساً على الصلاة، ويشترط السلام بعد القعود كالصلاة،
ولا يشترط التشهد.
مبطلات سجود التلاوة:
يبطل سجدة التلاوة كل ما يبطل الصلاة: من الحدث والعمل الكثير، والكلام
والضحك، وعليه إعادتها.
أسباب سجدة التلاوة وصفتها:
تتردد أسباب سجود التلاوة بين التلاوة لآية سجدة، والسماع لها،
والاستماع، كما هو موضح في المذاهب.
ذهب الحنفية إلى أن: أسباب سجود التلاوة ثلاثة أمور:
الأول- التلاوة: فتجب على التالي، ولو لم يسمع نفسه كأن كان
أصم.
الثاني- سماع آية سجدة أو الاستماع إليها، والاستماع يكون بقصد بخلاف
السماع.
الثالث- الاقتداء، فلو تلاها الإمام، وجبت على المقتدي، وإن لم
يسمعها.
وصفة السجود عند الحنفية: أن يكبر للوضع، دون رفع يديه كسجدة
الصلاة، ويسجد بين كفيه، واضعاً جبهته على الأرض للسجود، ثم يكبر للرفع، وكل من
هاتين التكبيرتين سنة، ويرفع رأسه. ولا يقرأ التشهد، ولا يسلم، لعدم وجود
التحريمة.
ويقول في سجوده ما يقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى
ثلاثاً.
وذهب المالكية إلى أن: سبب سجدة التلاوة أمران فقط: التلاوة والاستماع بشرط أن
يقصده، كما ذكر في شروطها.
وصفتها: هي سجدة واحدة، بلا تكبير إحرام ولا سلام، بل يكبر للسجود، ثم للرفع
منه استحباباً في كل منهما. ويكبر القائم من قيام ولا يجلس، والجالس من جلوس، وينزل
لها الراكب، إلا إذا كان مسافراً، فيسجدها صوب سفره بالإيماء؛ لأنها نافلة. ويسبح
فيها كالصلاة: سبحان ربي الأعلى ثلاثاً. فيكون مذهب المالكية قريباً في بيان الصفة
من الحنفية. ويزيد في سجوده: "اللهم اكتب لي بها أجراً، وضع عني بها وزراً، واجعلها
لي عندك ذخراً، وتقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود".
وذهب الشافعية إلى أنَّ: سبب سجود التلاوة: التلاوة والسماع والاستماع، كما قال
الحنفية.
ولها ركنان: النية لغير المأموم، أما المأموم فتكفيه نية الإمام. وسجدة
واحدة، كسجدة الصلاة. والمصلي ينوي بالقلب.
وغير المصلي: يزاد له ثلاثة أركان: تكبيرة الإحرام، والجلوس بعد السجدة،
والسلام. ويسن له التلفظ بالنية.
وصفتها: أن يكبر للهوي، وللرفع، ولا يسن له رفع يديه في الصلاة، ويسن
الرفع خارج الصلاة، ولا يجلس للاستراحة في الصلاة. ويقول في سجوده:"سبحان ربي
الأعلى ثلاثاً"، ويضيف قائلاً:"سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله
وقوته، فتبارك الله أحسن الخالقين" ويقول أيضاً: "اللهم اكتب لي بها عندك أجراً،
واجعلها لي عندك ذخراً، وضع عني بها وزراً، واقبلها مني كما قبلتها من عبدك
داود"
ويندب أن يقول: "سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً" ولو قال ما يقوله
في سجوده فقط، جاز وكفى.
ويقوم مقام سجود التلاوة ما يقوم مقام تحية المسجد، فمن لم يرد فعلها
قال أربع مرات:"سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله
أكبر".
وذهب الحنابلة إلى أن سبب: التلاوة والاستماع. وبشرط ألا يطول الفصل عرفاً
بينها وبين سببها. فإن كان القارىء أو السامع محدثاً، ولا يقدر على استعمال الماء
تيمم. ولا يسجد المقتدي إلا لمتابعة إمامه. ويكره للإمام سجوده لقراءة سجدة في صلاة
سرية، لئلا يخلط على المأمومين، فإن فعل خير المأموم بين المتابعة وتركها؛ لأنه ليس
بتال ولا مستمع، والأولى السجود متابعة للإمام.
وأركانها ثلاثة: السجود والرفع منه، والتسليمة الأولى، أما الثانية
فليست بواجبة، أما التكبير للهوي والرفع من السجود والذكر في السجود فهو واجب، كما
في سجود صلب الصلاة. والجلوس للتسليم مندوب. والأفضل سجوده عن
قيام.
وصفتها: أن يكبر إذا سجد وإذا رفع، ويرفع يديه مع تكبيرة السجود إن سجد في غير
الصلاة؛ لأنها تكبيرة افتتاح، كما قال الشافعية. أما الصلاة فقياس المذهب ألا يرفع
يديه، لأن في حديث ابن عمر"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يفعله في السجود"
متفق عليه. يعني رفع يديه، ويسلم إذا رفع.
ويقول في سجوده ما يقول في سجود الصلاة: "سبحان ربي الأعلى ثلاثاً".
ويقول أيضاً: "سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله
أحسن الخالقين". ويقول أيضاً: "اللهم اكتب لي بها عندك أجراً واجعلها لي عندك ذخراً
وضع عني بها وزراً وتقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود"
نيابة الركوع عن سجدة التلاوة
-وذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يندب عن السجدة الركوع.
-وذهب الحنفية إلى نيابة ذلك في الصلاة.
6- المواضع التي تطلب فيها السجدة:
ذهب الحنفية إلى أن عدد السجدات أربع عشرة سجدة: في سورة الأعراف الآية(206)،
والرعد(15)، والنحل(49)، والإسراء(107)، ومريم(58)، وفي أول الحج(18)، وفي
الفرقان(60)، وفي النمل(25)، وفي ألم السجدة(15)، وفي فصلت(38)، وفي ص(24)
والنجم(62)، وإذا السماء انشقت(21) واقرأ باسم ربك الذي
خلق(19).
وذهب المالكية إلى أن عدد السجدات إحدى عشرة، وهم مثل الحنفية إلا في الثلاث
الأخيرة: النجم(62)، الانشقاق(21)، العلق(19).
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن: السجدات أربع عشرة، منها سجدتان في سورة الحج، في أولها
وآخرها(77)، أما سجدة ص فهي سجدة شكر تستحب في غير الصلاة، وتحرم في الصلاة على
الأصح وتبطلها.
7- تتكرر السجدة بتكرر التلاوة؟
ذهب الحنفية إلى أن: من كرر تلاوة آية سجدة واحدة في مجلس واحد، أجزأته سجدة
واحدة، وفعلها بعد الأولى أولى، وقيل: التأخير أحوط، أي أنه يشترط اتحاد الآية
والمجلس.
أما إن كرر آية السجدة في عدة أماكن، أي اختلف المجلس، فيجب تكرار
السجود.
فإن قرأ عدة آيات فيها سجدات مختلفة، فيجب لكل آية سجدة سواء اتحد
المجلس أم اختلف.
ويتبدل المجلس بالانتقال منه بثلاث خطوات في الصحراء والطريق،
وبالانتقال من غصن شجرة إلى غصن، وبسباحة في نهر أو حوض كبير في الأصح. ولا يتبدل
بزوايا البيت الصغير، والمسجد ولو كان كبيراً، ولا بسير سفينة أو سيارة، ولا بركعة
وبركعتين، وشربة وأكل لقمتين، ومشي خطوتين، ولا باتكاء وقعود وقيام وركوب ونزول في
محل تلاوته، ولا بسير دابته مصلياً.
ويتكرر الوجوب على السامع بتبديل مجلسه، وإن اتحد مجلس القارىء، فلو
كررها راكباً يصلي، وغلامه يمشي، تتكرر على الغلام،لا الراكب، ولا تتكرر على السامع
في عكسه وهو تبدل مجلس القارىء دون السامع على المفتى به، ومن تلا آية سجدة، فلم
يسجد لها، حتى دخل في الصلاة، فتلاها، وسجد لها، أجزأته السجدة عن
التلاوتين.
وإن تلاها في غير الصلاة، فسجد لها، ثم دخل في الصلاة، فتلاها، سجد لها،
ولم تُجزه السجدة الأولى.
وإذا تلا آية سجدة في الصلاة ثم أعادها بعد سلامه، سجد سجدة أخرى. ولا
تقضى السجدة التي تتلى في الصلاة خارجها؛ لأن لها مزية، فلا تتأدى بناقص، وعليه
التوبة.
وذهب المالكية إلى أنه: إذا كرر المعلم أو المتعلم آية السجدة، فيسن السجود
لكل منهما عند قراءتها أول مرة فقط دفعاً للمشقة. ويسجد إن تجاوز آية السجدة
تجاوزاً يسيراً كآية أو آيتين، فإن كان التجاوز كثيراً أعاد آية السجدة وسجد، ولو
كانفي صلاة فرض، ولكن لا يسجد في الفرض إذا لم ينحن للركوع.
وذهب الشافعية إلى أنه: لو كرر آية في مجلسين، أو في مجلس، سجد لكل من المرتين
عقبها، والركعة كمجلس واحد، والركعتان كمجلسين. فإن لم يسجد وطال الفصل عرفاً ولو
بعذر، لم يسجد أداء؛ لأنه من توابع القراءة.
وذهب الحنابلة إلى أنه: إذا كرر تلاوة الآية أو استماعها، يسن له تكرار السجود
بمقدار ذلك، لتعدد السبب.
0 التعليقات:
إرسال تعليق