الفصل العاشر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
و الأمر بمجاهدة النفس
لاحظ الصلة بين قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}
[الشمس: 9].
وبين قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى
الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ
وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 35] فالفلاح في الآيتين الأخيرتين تعلَّقَ بالدعوة
إلى الخير وبالأمر بالمعروف وبالنهي عن المنكر وبالتقوى والعمل الصالح وبالجهاد مما
يدّل على أن الفلاح المتعلّق بتزكية النفس يدخل فيه هذا كله.
إن الدعوة إلى الخير والمعروف تؤكدهما في النفس وذلك يزكيها، والنهي عن
المنكر يقبّحه في النفس وذلك يزكيها، والجهاد تحرير للنفس من حب الحياة ومن حب
الدنيا وبيع للنفس من ربها، وذلك أرقى ما تصل إليه النفس المزكاة، لذلك كانت الدعوة
إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد من وسائل تزكية
النفس.
إن تنظيم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير من واجبات
العصر، وإن إطلاق الطاقات المسلمة في طرق الجهاد من واجبات
العصر.
وهذان لا يتمان إلا إذا أصبحت هذه المعاني خلقاً
للنفس.
وبدون أن تكون هذه المعاني خلقاً للنفس يكون بين النفس والزكاة بون
شاسع.
0 التعليقات:
إرسال تعليق