زكاة
المعادن والركاز:
- - صفة المعدن الذي تجب فيه الزكاة.
- - قدر الواجب في المعدن وصفته.
- - نصاب المعادن.
- - وقت وجوب الزكاة في المعدن.
- - شروط إخراج الزكاة في المعادن.
- - معادن البحر.
- - الركاز.
- - صفة الركاز الذي فيه الخمس.
- - زكاة المستخرج من البحار.
اختلف
الفقهاء في معنى
المعدن، والركاز أو الكنز، وفي أنواع المعادن التي تجب فيها الزكاة، وفي مقادير
الزكاة في كل من المعدن والركاز.
1- مذهب
الحنفية:
المعدن،
والركاز أو الكنز بمعنى واحد، وهو كل مال مدفون تحت الأرض، إلا أن المعدن هو ما
خلقه الله تعالى في الأرض يوم خلق الأرض، والركاز أو الكنز هو المال المدفون بفعل
الناس الكفار.
والمعادن
ثلاثة أنواع:
أ- جامد
يذوب وينطبع بالنار كالنقدين (الذهب والفضة) والحديد والنحاس والرصاص، ويلحق به
الزئبق، وهذا هو الذي يجب فيه الزكاة وهي الخمس، وإن لم يبلغ
نصاباً.
ب- جامد لا يذوب ولا ينطبع بالنار كالجص والنورة (حجر الكلس) والكحل،
والزرنيخ وسائر الأحجار كالياقوت والملح.
جـ- مائع ليس بجامد: كالقار (الزفت) والنفط
(البترول).
ولا يجب الخمس إلا في النوع الأول، سواء وجد في أرض خراجية أو
عشرية(1) ويصرف
الخمس مصارف خمس الغنيمة، ودليلهم الكتاب والسنة الصحيحة
والقياس.
أما
الكتاب: فقوله
تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ
خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] ويعد المعدن غنيمة، لأنه كان في محله من الأرض في أيدي
الكفرة، وقد استولى عليه المسلمون عنوة.
وأما
السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: "العجماء جُبَار -أي هدر لا شيء فيه-
والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس". متفق عليه والركاز يشمل المعدن
والكنز، لأنه من الركز أي المركوز، سواء من الخالق أو
المخلوق.
وأما
القياس: فهو قياس
المعدن على الكنز الجاهلي، بجامع ثبوت معنى الغنيمة في كل منهما، فيجب الخمس
فيهما.
والزائد عن الخمس: إن وجد في أرض مملوكة فهو لمالكه، وإن وجد في أرض غير
مملوكة لأحد كالصحراء والجبل فهو للواجد.
ووجوب الخمس في المعدن: هو إن كان عليه علامة الجاهلية كوثن أو صليب
ونحوهما، فإن كان عليه علامة الإسلام مثل كلمة الشهادة، أو اسم حاكم مسلم، فهو لقطة
لا يجب فيه الخمس.
(1) الأر ض الخراجية : هي كل أرض فتحت عنوة وأقر أهلها عليها، أو صالحهم
الإمام على دفع الخراج (ضريبة أهل الكفار) إلا أرض مكة، فإنها فتحت عنوة وتركت
لأهلها، ولم يوظف عليها الخراج. والأرض العشرية : هي كل أرض أسلم أهلها عليها قبل
أن يقدر عليها، أو فتحت عنوة وقسمت بين الغانمين، وأرض العرب كلها أرض عشر، يجب
فيها العشر الذي هو وظيفة أرض المسلمين فالأولى للدولة، والثانية
مملوكه.
وكذلك لا يجب الخمس عند أبي حنيفة إن وجد المعدن أو الركاز في دار
مملوكة، لأنه جزء من أجزاء الأرض مركب فيها، ولا مؤنة (ضريبة) في سائر الأجزاء،
فكذا في هذا الجزء. وفي قول آخر عند الحنفية: فيه الخمس، لإطلاق الحديث السابق:
"وفي الركاز الخمس" من غير تفرقة بين الأرض والدار. وفرق أبو حنيفة بينهما بأن
الدار ملكت خالية عن المؤن (التكاليف) دون الأرض، بدليل وجوب العشر والخراج في
الأرض دون الدار، فتكون هذه المؤنة (الخمس) واجبة مثلهما في الأرض دون
الدار.
ولا زكاة في النوعين الآخرين من المعادن (مالا ينطبع بالنار، والمائع)
إلا الزئبق من المائع، فإنه يجب فيه الخمس، لأنه كالرصاص.
ولا زكاة في الفيروز الذي يوجد في الجبال.
ولا زكاة في اللؤلؤ والعنبر ولا في جميع ما يستخرج من البحر من الحلي
ولو ذهباً كنزاً، لأنه لم يرد عليه القهر، فلم يكن غنيمة، إلا إذا أعد
للتجارة.
وأما الكنز
أو الركاز: فيجب فيه
الخمس إذا وجد في أرض لا مالك لها، للحديث السابق: "وفي الركاز الخمس" ويلحق به كل
ما يوجد تحت الأرض من الأمتعة من سلاح وآلات وثياب ونحو ذلك، لأنه غنيمة بمنزلة
الذهب والفضة.
ومن دخل دار الحرب بأمان، فوجد في دار بعضهم ركازاً، رده عليهم تحرزاً
عن الغدر، لأن ما في الدار في يد صاحبها خاصة، وإن لم يرده وأخرجه من دار الحرب
ملكه ملكاً خبيثاً، فيتصدق به. وإن وجده في صحراء دار الحرب، فهو للواجد، لأنه ليس
في يد أحد على الخصوص، فلا يعد غدراً، ولا شيء فيه، لأنه بمنزلة المتلصص في دار
الحرب غير المجاهر إذا أخذ شيئاً من أموال الحربيين، وأحرزه بدار
الإسلام.
2- مذهب
المالكية:
المعدن
غير الركاز، والمعدن: هو ما خلقه الله في الأرض من ذهب أو فضة أو غيرهما
كالنحاس والرصاص والكبريت، ويحتاج إخراجه إلى عمل وتصفية.
ملكية
المعادن: المعادن
أنواع ثلاثة:
الأول- أن تكون في أرض غير ممتلكة: فهي للإمام (الدولة) يقطعها لمن شاء
من المسلمين، أو يجعلها في بيت المال لمنافعهم، لا لنفسه.
الثاني- أن تكون في أرض مملوكة لشخص معين: هي للإمام أيضاً، ولا يختص
بها رب الأرض. وقيل: لصاحبها.
الثالث- أن تكون في أرض ممتلكة لغير شخص معين كأرض العنوة والصلح: أرض
العنوة للإمام، ومعادن أرض الصلح لأهلها، ولا نتعرض لهم فيها ما داموا كفاراً، فإن
أسلموا رجع الأمر للإمام.
والخلاصة أن حكم المعدن مطلقاً للإمام (أي السلطان أو نائبه) إلا أرض
الصلح ما دام أهلها كفاراً.
الواجب في
المعدن: تجب الزكاة
في المعدن، وهي ربع العشر إن كان نصاباً، وبشرط الحرية والإسلام كما يشترط في
الزكاة، لكن لا حول في زكاة المعدن، بل يزكى لوقته كالزرع، والمعدن الذي تجب فيه
الزكاة هو الذهب والفضة فقط، لا غيرهما من المعادن من نحاس ورصاص وزئبق وغيرها إلا
إذا جعلت عروض تجارة.
ويضم في الزكاة المعدن المستخرج ثانياً لما استخرج أولاً، متى كان
العِرْق واحداً، أي متصلاً بما خرج أولاً، فإن بلغ الجميع نصاباً فأكثر، زكاه، وإن
تراخى العمل.
ولا يضم عِرْق لآخر، كما لا يضم معدن لآخر، وتخرج الزكاة من كل واحد على
انفراده.
ويستثنى من ذلك ما يسمى بالنَّدْرَة : وهي القطعة الخالصة من الذهب أو
الفضة التي يسهل تصفيتها من التراب، فلا تحتاج إلى عناء في التخليص، ويخرج منها
الخمس، ولو دون نصاب، وتصرف مصارف الغنيمة وهو مصالح
المسلمين.
وأما الركاز أو الكنز: فهو دفين الجاهلية من ذهب أو فضة أو
غيرهما، فإن شك في المال المدفون، أهو جاهلي أم غيره، اعتبر
جاهلياً.
ملكيته:
يختلف حكم ملكية الركاز باختلاف الأرض التي وجد فيها، وذلك أربعة
أنواع:
الأول- أن يوجد في الفيافي، ويكون من دفن الجاهلية: فهو
لواجده.
الثاني- أن يوجد في أرض مملوكة: فهو لمالك الأرض الأصلي بإحياء أو بإرث
منه، لا لواجده، ولا لمالكها بشراء أو هبة، بل للبائع الأصلي أو الواهب إن علم،
وإلا فلقطة.
الثالث- أو يوجد في أرض فتحت عنوة: فهو لواجده.
الرابع- أن يوجد في أرض فتحت صلحاً: فهو لواجده.
هذا كله ما لم يكن بطابع المسلمين، فإن كان بطابع المسلمين، فحكمه حكم
اللقطة : يُعرَّف عاماً ثم يكون لواجده.
زكاته:
يجب الخمس في الركاز مطلقاً، سواء أكان ذهباً أم فضة أم غيرهما، وسواء
وجده مسلم أو غيره. ويصرف الخمس كالغنائم في المصالح العامة، إلا إذا احتاج إخراجه
إلى عمل كبير أو نفقة عظيمة، فيكون الواجب فيه ربع العشر، ويصرف في مصارف
الزكاة.
ولا يشترط في الواجب في الركاز في الحالين بلوغ
النصاب.
ولا زكاة فيما لفظه (طرحه) البحر مما لم يكن مملوكاً لأحد، كعنبر ولؤلؤ
ومرجان وسمك، ويكون لواجده الذي وضع يده عليه أولاً، بلا تخميس، لأن أصله الإباحة.
فإن سبق ملكه لأحد من أهل الجاهلية، فهو لواجده بعد تخميسه، لأنه من الركاز. وإن
علم أنه لمسلم أو ذمي لقطة، يعرَّف عاماً.
3- مذهب
الشافعية:
المعدن
غير الركاز، فالمعدن: ما يستخرج من مكان خلقه الله تعالى فيه، وهو خاص
بالذهب والفضة، كما قال المالكية.
ويجب فيه ربع العشر إن كان ذهباً أو فضة، لا غيرهما كياقوت وزبرجد ونحاس
وحديد، سواء وجد في أرض مباحة أو مملوكة لحر مسلم، لعموم أدلة الزكاة السابقة، كخبر
: "وفي الرقة ربع العشر"، بشرط كونه نصاباً، كما قال باقي الأئمة، ولا يشترط حولان
الحول على المذهب، لأن الحول إنما يعتبر لأجل تكامل النماء، والمستخرج من المعدن
نماء في نفسه، فأشبه الثمار والزروع.
ويضم بعض المستخرج إلى بعض إن اتحد المعدن المخرج، وتتابع العمل، كما
يضم المتلاحق من الثمار، ولا يشترط بقاء الأول على ملك المستخرج، ويشترط اتحاد
المكان المستخرج منه، فلو تعدد لم يضم، لأن الغالب في اختلاف المكان استئناف العمل.
وإذا قطع العمل بعذر كإصلاح الآلة وهرب الأجراء والمرض والسفر، ثم عاد إليه، ضُمَّ،
وإن طال الزمن عرفاً لعدم إعراضه. وإذا قطع العمل بلا عذر فلا يضم، لإعراضه عن
العمل.
ويضم الخارج الثاني إلى الأول، كما يضم إلى ما ملكه بغير المعدن في
إكمال النصاب وتخرج زكاته عقب تخليصه وتنقيته، فلو أخرج قبل تصفيته لا
تجزئ.
وأما الركاز فهو دفين الجاهلية، ويجب فيه الخمس، حالاً بشروط
الزكاة من حرية وإسلام وبلوغ نصاب، وكونه من النقدين (الذهب والفضة المضروب منهما
والسبيكة)، لأنه مال مستفاد من الأرض، فاختص بما تجب فيه الزكاة قدراً ونوعاً
كالمعدن، ولا يشترط حولان الحول، ويصرف مصرف الزكاة على المشهور. ودليل قدر الواجب
فيه حديث أبي هريرة المتقدم: "وفي الركاز الخمس".
فإن لم يكن دفين الجاهلية: بأن كان إسلامياً بوجود علامة عليه تدل على
إسلاميته، أو لم يعلم أهو جاهلي أو إسلامي: فهو لمالكه أو وارثه إن علم، لأن مال
المسلم لا يملك بالاستيلاء عليه. وإن لم يعلم مالكه، فلقطة، يعرفه الواجد، كما يعرف
اللقطة الموجودة على وجه الأرض.
وإذا وجد الركاز في أرض مملوكة لشخص أو لموقوف عليه، فللشخص إن ادعاه،
يأخذه بلا يمين، كأمتعة الدار، وإن لم يدعه بأن نفاه أو سكت، فلمن سبقه من
المالكين، حتى ينتهي الأمر إلى محيي الأرض.
وإذا وجد الركاز في مسجد أو شارع، فلقطة على المذهب، يفعل فيه ما يفعل
باللقطة مما سبق، لأن يد المسلمين عليه، وقد جهل مالكه، فيكون
لقطة.
ولو تنازع في ملك الركاز بائع ومشتر، أو مُكْر ومكتر، أو معير ومستعير،
صُدِّق ذو اليد (أي المشتري والمكتري والمستعير) بيمينه، كما لو تنازعا في أمتعة
الدار.
4- مذهب
الحنابلة:
المعدن غير
الركاز، والمعدن: هو ما استنبط من الأرض مما خلقه الله تعالى وكان من غير جنسها،
فليس هو شيء دفن، سواء أكان جامداً أم مائعاً.
ملكيته:
المعادن الجامدة كالذهب والفضة والنحاس تملك بملك الأرض التي هي فيها،
لأنها جزء من أجزاء الأرض، فهي كالتراب والأحجار الثابتة، بخلاف الركاز، فإنه ليس
من أجزاء الأرض. فعلى هذا ما يجده الواجد في ملك أو في موات، فهو أحق به، وإن سبق
اثنان إلى معدن في موات فالسابق أولى به مادام يعمل، فإذا تركه جاز لغيره العمل
فيه، وما يجده في مملوك يعرف مالكه، فهو لمالك المكان.
أما المعادن السائلة كالنفط والزرنيخ ونحو ذلك، فهي مباحة على كل حال،
إلا إنه يكره له دخول ملك غيره إلا بإذنه.
صفة المعدن
الذي تجب فيه الزكاة: هو كل ما
خرج من الأرض مما يخلق فيها، فإذا أخرج من المعادن من الذهب عشرين مثقالاً، أو من
الفضة مائتي درهم (نصاب الزكاة)، أو قيمة ذلك من الحديد والرصاص والنحاس والزئبق
والياقوت والزبرجد والبلور والعقيق والكحل والزرنيخ، وكذلك المعادن السائلة كالقار
(الزفت) والنفط والكبريت ونحو ذلك، مما يستخرج من الأرض، ففيه الزكاة فوراً أي من
وقت الإخراج.
ودليلهم عموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا
مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ}
[البقرة: 267] ولأنه معدن، فتعلقت الزكاة بالخارج منه كالأثمان (الذهب والفضة).
وأما الطين فليس بمعدن، لأنه تراب، والمعدن: ما كان في الأرض من غير
جنسها.
قدر الواجب
في المعدن وصفته:
قدر الواجب في المعدن هو ربع العشر، وصفته أنه زكاة، كما قال الشافعية،
لما روى أبو عبيد: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني
معادن القَبَلية في ناحية الفُرْع، قال: فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى
اليوم" ولأنه حق يحرم على أغنياء ذوي القربى، فكان زكاة كالواجب في الأثمان التي
كانت مملوكة له.
نصاب
المعادن: هو ما يبلغ
من الذهب عشرين مثقالاً، ومن الفضة مائتي درهم، أو قيمة ذلك من غيرهما، لقوله صلى
الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمس أواق صدقة" وقوله: "ليس في تسعين ومائة شيء"
وقوله: "ليس عليكم في الذهب شيء حتى يبلغ عشرين مثقالاً".
ولا يشترط له الحول لحصوله دفعة واحدة، فأشبه الزروع
والثمار.
ويعتبر إخراج النصاب دفعة واحدة، أو دفعات لا يترك العمل بينهن ترك
إهمال. وترك العمل ليلاً أو للاستراحة أو لعذر من مرض أو لإصلاح الأداة ونحوه لا
يقطع حكم العمل.
ويضم ما خرج في العملين بعضه إلى بعض في إكمال النصاب. ولا يضم أحد
الأجناس إلى جنس آخر، ويعتبر لكل معدن نصاب مستقل بانفراده، لأن المعادن أجناس، فلا
يكمل نصاب أحدهما بالآخر كغير المعدن، إلا في الذهب والفضة، فيضم كل منهما إلى
الآخر في تكميل النصاب، كما يضم إلى كل منهما معدن آخر، وكما تضم عروض التجارة إلى
الأثمان (الذهب والفضة).
وقت
الوجوب:
تجب الزكاة في المعدن حين الإخراج وبلوغ النصاب، ولا يعتبر له حول
باتفاق المذاهب الأربعة، لأنه مال مستفاد من الأرض، فلا يعتبر في وجوب حقه حول،
كالزرع والثمار والركاز.
- شروط إخراج
الزكاة في المعادن: يشترط
شرطان:
الأول- أن يبلغ بعد سبكه وتصفيته نصاباً إن كان ذهباً أو فضة أو تبلغ
قيمته نصاباً إن كان غيرهما.
الثاني- أن يكون مخرجه ممن تجب عليه الزكاة، فلا يجب على الذمي أو
الكافر أو المدين أو نحو ذلك.
- معادن
البحر: ولا زكاة
في المستخرج من البحر كاللؤلؤ والمرجان والعنبر والسمك ونحوه، كما قرر باقي
المذاهب، لقول ابن عباس : "ليس في العنبر شيء، إنما هو شيء ألقاه البحر" وعن جابر
نحوه، ولأنه قد كان يخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه، فلم يأت
فيه سنة، ولا عن أحد من خلفائه، ولأن الأصل عدم الوجوب فيه، ولا يصح قياسه على معدن
البر، لأن العنبر إنما يلقيه البحر، فيوجد ملقى في البر على الأرض من غير تعب،
فأشبه المباحات المأخوذة من البر، وأما السمك فهو صيد، فلم يجب فيه زكاة كصيد
البر.
وأما
الركاز:
فهو دفين الجاهلية، أي مال الكافر المأخوذ في عهد الإسلام، قل أو كثر،
ويلحق به ما وجد على وجه الأرض وكان عليه علامة الكفار. وفيه الخمس. للحديث المتفق
عليه: "العجماء جُبَار، وفي الركاز الخمس".
فإن وجد عليه أو على بعضه علامة الإسلام كآية قرآن أو اسم النبي صلى
الله عليه وسلم أو أحد من خلفاء المسلمين أو وال لهم، فهو لقطة، تجري عليه أحكامها،
لأنه ملك مسلم لم يعلم زواله عنه.
وخمس الركاز يوضع في بيت المال ويصرف في المصالح العامة، وباقيه لواجده
إن وجده في أرض مباحة، ولمالك الأرض إن وجد في أرض مملوكة، وهو للواجد إن وجده في
ملك غيره إن لم يدّعه المالك، فإن ادعاه مالك الأرض فهو له مع
يمينه.
وإن وجد الركاز في دار الحرب: فإن لم يقدر عليه إلا بجماعة من المسلمين،
فهو غنيمة لهم، وإن قدر عليه بنفسه، فهو لواجده، كما لو وجده في موات في أرض
المسلمين.
صفة الركاز
الذي فيه الخمس: هو كل ما
كان مالاً على اختلاف أنواعه من الذهب والفضة والحديد والرصاص والنحاس والآنية وغير
ذلك، لعموم الحديث: "وفي الركاز الخمس".
- زكاة
المستخرج من البحار:
ذهب جمهور
العلماء الحنفية والمالكية والشافعية وهي إحدى روايتين عن أحمد إلى أن
المستخرج من البحر من اللؤلؤ والعنبر والمرجان ونحوها لا شيء فيه من زكاة أو خمس،
لما روي عن ابن عباس: ليس في العنبر شيء، إنما هو شيء ألقاه البحر. وروي مثله عن
جابر، ولأنه قد كان يستخرج على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه فلم يأت فيه
سنة عنه ولا عنهم.
وفي رواية
عن أحمد فيه
الزكاة، لأنه يشبه الخارج من معدن البر. وروي أن ابن عباس قال في العنبر: "إن كان
فيه شيء ففيه الخمس"، وكتب يعلى بن أمية إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عنبرة
وجدها على ساحل البحر فاستشار الصحابة، فأشاروا أن يأخذ منها الخمس. فكتب عمر إليه
بذلك.
وقال
المالكية: ما خرج
من البحر كعنبر إن لم يتقدم عليه ملك فهو لواجده ولا يخمس كالصيد، فإن كان تقدم
عليه ملك فإن كان لجاهلي أوشك فيه فركاز، وإن كان لمسلم أو ذمي
فلقطة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق