التصميم
المعجز لبلورات الثلج
|
عندما يتفحص المرء بلورات الثلج يرى أشكالاً متعددة و مختلفة فيما بينها
. ويعتقد
الباحثون أن متراً مكعباً من الثلج يحتوي على 350 مليون بلورة ، و هذه البلورات
جميعها تتخذ شكل مضلع سداسي ، بيد أن هذه المضلعات السداسية تختلف فيما بينها من
ناحية الشكل الذي تتخذه . و لكن كيف ظهرت هذه الأشكال ؟
كيف اختلفت فيما بينها ؟ كيف حدث هذا التناسق فيما بينها ؟ ما زالت الأبحاث
جارية من قبل العلماء للتوصل إلى أجوبة عن هذه الأسئلة .
و كل شيء جديد يكتشف يضاف إلى رصيد الإعجاز الموجود في تصميم هذه البلورات
الثلجية ، إن الشكل المضلع السداسي للبلورة الثلجية ، و التي لها أنواع مختلفة من
ناحية التناسق و التماثل فيما بينها ، يعد دليلاً على الإبداع الإلهي في الخلق ، و
لا شك فهو البديع ( أي الخالق دون وجود أنموذج سابق لخلقه ) جل جلاله ، و هو الله
الذي خلق الأشياء في أحسن صورة .
و عندما نتفحص البلورة الثلجية سنجد أمامنا جانبياًَ آخر من الإعجاز الإلهي
.
إن هذه البلورات الثلجية التي تتجمع لتأخذ أشكالاً عديدة مثل الصحون
الصغيرة و الكبيرة ، أو الشكل النجمي أو حتى الشكل الدقيق جداً الذي يشبه رأس إبرة
تحقق هذا الاختلاف في التشكل بوسيلة مثيرة للحيرة في العقول.[1]
ولا شكل في أن هذا التركيب البلوري لحبات الثلج قد جلب
انتباه الباحثين منذ سنوات عديدة ، فقد أجريت الأبحاث و مازالت مستمرة منذ سنة 1945
لاكتشاف العوامل التي تشكل هذه البلورات بهذه الأشكال المختلفة ، فحبة الثلج تتألف
من أكثر من مئتي بلورة ثلجية ، والبلورات الثلجية هي عبارة عن مجموعة من جزيئات من
الماء مرتبة و منظمة بتناسق باهر فيما يبنها ، و توصف هذه البلورات الثلجية بأنها
بناء معماري بارع جداً ، و هي تشكل عندما يمر بخار الماء خلال السحاب متعرضاَ
للبرودة ، و يحدث هذا الأمر كالآتي :
يحتوي بخار الماء على جزيئات الماء التي تكون منتشرة بصورة
عشوائية ، و عندما تمر بين السحاب تتعرض للبرودة و بالتالي يقل نشاطها ، و هذه
الجزيئات التي أصبحت حركتها بطيئة تميل إلى التجمع فيما بينها ثم تتحول إلى جسم صلب
، و لكن هذا التجمع لا يكون عشوائيا أبداًَ ، بل على العكس إنه دائماَ يكون باتحاد
جزيئات الماء لتكوين مضلعات سداسية مجهرية منتظمة الشكل .
و كل قطعة ثلج تتكون من مرحلة أولى من مضلع سداسي و يتبلور
من جزيئات الماء ، و من ثم تأتي باقي المضلعات السداسية المتبلورة لتلتحم بالبلورة
الأولى ، و العامل الرئيسي في طريقة تشكيل هذه البلورة الثلجية ـ و كما شرح ذلك
العلماء ـ هو الالتصاق المتسلسل لهذه المضلعات السداسية بعضها ببعض تماماًَ مثلما
تتحد حلقات السلسلة الواحدة .
و المفترض في هذه البلورات هو
أن تتخذ الشكل نفسه مهما اختلفت الحرارة و الرطوبة ، و لكن الذي يحصل هو أن شكلها
يختلف باختلافهما ، لماذا توجد هذه البلورات المتناسقة ذات الشكل المضلع السداسي في
كل قطعة ثلج ؟ و لماذا تأخذ شكلاً مختلفاً إحداها عن الأخرى ؟ لماذا تكون حواف هذه
الأشكال ذات زوايا بدلاً من أن تكون مستقيمة ؟ و لا زال العلماء مستمرين في
أبحاثهم سعياً وراء العثور عن الأجوبة [2].
و لكن الحقيقة الواضحة أن الله فاطر السماوات و الأرض هو
الذي خلق كل شيء و سواه لا شريك له و هو الأحد الصمد .
المصدر : كتاب العظمة في كل مكان تأليف هارون يحيى .
|
0 التعليقات:
إرسال تعليق